قلد وزير الثقافة والاعلام الفرنسي فريديريك ميتران وبمناسبة احياء ذكرى حوار اللغات والثقافات بين فرنسا والعالم العربي، ميدالية الفن والأدب الى كل من المخرجة والكاتبة اليمنية خديجة السلامي والباحث المصري مروان راشد والكاتبة الجزائرية ميسا باي والباحث والمؤرخ الفلسطيني الياس صنبر. تم ذلك خلال احتفال اقيم في وزارة الثقافة في باريس تخللته قراءات لنصوص بالعربية والفرنسية قديمة وحديثة، قام بإلقائها المترجمون انفسهم ضمن مشاريع للترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية. كما تخلل الحفل عزف مقطوعات موسيقية للاسبانيين جوردي سافال ومونتسيرا فيغيراس اللذان كرسا عملها للقاء بين الموسيقى المختلة من انحاء المتوسط واللذان حصلان أيضا على أوسمة. وقال ميتران في مستهل كلمته بالمناسبة "ان الديناميكية السياسية الجديدة التي تحرك العالم العربي اليوم تحثنا على مراجعة منظور اكثر من اي وقت مضى. ففي الوقت الذي نتحدث فيه عن "الربيع العربي" اوان الحديث عن الجسور، الامل المتصاعد بتقارب بين ضفتينا يمر ايضا عبر هؤلاء المبدعين والكتاب والفنانين "..." الديمناميكيات الثقافية بين مصر والعالم العربي تشكل جزءا من القلب الحي لعلاقاتنا، ويجب ان نؤكد على ذلك اليوم". واضاف الوزير "ان تكريم هذه الشخصيات يسهم بطريقة ملحوظة في حوار الثقافات بين فرنسا واوروبا والعالم العربي. وهو يذكرنا أيضا باننا لا نجد هذه الجسور الا في مادية التبادل". وعند تسلميه الوسام للمخرجة خديجة السلامي توقف ميتران عند مسيرتها الفريدة وزواجها الاجباري في سن مبكرة جدا ثم ذهابها شابة الى الولاياتالمتحدة حيث درست الاخراج ليخلص الى ان كتابها "دموع ملكة سبأ" الذي كتبته برفقة زوجها "هو ايضا قصة حياتك"، قال الوزير متوجها اليها . وكانت خديجة السلامي التي تعمل كملحقة ثقافية في السفارة اليمينة في باريس انجزت عددا من الافلام الوثائقية عن بلدها تطرقت فيها الى قضايا تخص المراة وتناول آخر اعمالها موضوع الفساد في اليمن. وحول مسيرتها وانجازاتها قال الوزير أمام الحضور "في عالم الكتب والصورة، عملت في خدمة قضايا المراة والديمقراطية وهي قيم بات الدفاع عنها اليوم اكثر من راهن. وكممثلة للتعاون الثقافي وعبر التزامك ومواظبتك فانت خير من يظهر للجميع ان التفاهم المتبادل عمل يتطلب نفسا طويلا لا يجب التراجع عنه." وعند تقليده الوسام للمصري مروان راشد، توقف الوزير الفرنسي عند دور العرب في حفظ التراث الفلسفي اليوناني بفضل ترجمتهم للاعمال الى العربية ما مكنها لاحقا من الانتقال الى اوروبا. ويدرس مروان راشد في فرنسا مادتي الفلسسفة العربية واليونانية وهو ما توقف عنده ميتران قائلا "عبر العمل البطيء على فكر ارسطو وترجمة ترصد كيف انه وتحت تعددية اللغات، تعبر عن نفسها لغة واحدة للعقل البشري. من هذه القناعة النظرية تصنع حقلا للتحقيق العملي جاعلا من نفسك عالم آثار هويتنا المشتركة من شعر ما قبل سقراط وصولا الى فلسفة عصر المماليك". وفي تمهيده لتسليمها ميدالياتها نوه بدور الكابتة الجزائرية ميساء باي قائلا ان "الكاتبة الجزائرية التي هي انت، عرفت كيف تستثمر كما لم يفعل احد ما اسماه كاتب ياسين بعبارته البالغة الجمال "غنيمة حرب" "..." اللغة الفرنسية". واشار ميتران الى الدور الذي لعبه والدها في حياتها وفي تعلميها الفرنسية قبل ان يسجن ويعذب ايام الاستعمار ثم يعدم وهي بعد في السابعة من عمرها. أضاف "ذكرى هذه الماساة اعدت احياءها بطريقة عظيمة في المكان المغلق لكابينة مسافرين في "هل تسمع الجبل"". واستهل ميتران تكريمه للمؤرخ الفلسطيني الياس صنبر بعبارة "والارض تورث كاللغة" وهي لمحمود درويش من احدى المجموعات التي نقلها صنبر الذي كان صديقا للشاعر الكبير الى الفرنسية. وقال الوزير الفرنسي "الفظ هذه العبارة ليس فقط لان محمود صديقك بل لانها تقول شيئا عن علاقتك بالعالم والتزاماتك المتعددة "..." عشت تجربة غير عادية تجعل منك مراقبا مسموعا للغاية بخصوص "الربيع العربي"". واصدر صنبر عددا من الكتب عن فلسطين وذاكرة اللجوء وذاكرة فلسطينيي 1948 وحمل آخر كتبه عنوان "قاموس العشق الفلسطيني". اسس وترأس تحرير "مجلة الدراسات الفلسطينة" وصادق العديد من الشخصيات في باريس مثل جول دولوز والمخرج جون لوك غودار. ويعمل صنبر اليوم كممثل لفلسطين في منظمة اليونيسكو وهو اعتبر بعد تسلمه الجائزة في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية ان الميدالية تأتي عبره و"قبل كل شيء للشعب الفلسطيني".