يرجح أعضاء في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المشارك في الحكومة المغربية أن تتعمق أزمة الحزب في الدورة المقبلة للمجلس الوطني، الذي سينعقد يوم 19 مارس الجاري، فيما تتعالى الأصوات المنادية بالانسحاب من الحكومة. فيما يستعد الوزير الأول المغربي، عباس الفاسي، إلى عقد لقاء تشاوري مع الأحزاب، غدًا الجمعة، يعيش "حليفه" داخل الحكومة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية أزمة يمكنها وصفها ب "الصامتة"، نتيجة ارتفاع الأصوات المطالبة بالانسحاب من الحكومة. لكن لا يبدو أن هذه الوضعية ستدوم طويلاً، إذ يرجح اتحاديون أن تتعمق الأزمة في الدورة المقبلة للمجلس الوطني، الذي سينعقد يوم 19 آذار (مارس) الجاري. وقد يعجز المكتب السياسي للحزب، الذي يوجد ضمن الائتلاف الحاكم، عن احتواء هذه الأزمة، على الرغم من دخوله في سباق مع الزمن لاتخاذ خطوات "من أجل تنفيذ قرارات المجلس الوطني الأخيرة، والمتمحورة أساسًا حول أجندة الإصلاحات التي تتطلبها البلاد راهنًا، وكيفية تفعيلها من المواقع التي يتواجد فيها الحزب، مؤسساتيًا وسياسيًا"، حسب ما جاء في بلاغ للمكتب السياسي، اليوم الأربعاء. ويستعد الحزب، قبل انتهاء المدة التي منحها له المجلس الوطني، إلى رفع وتيرة تحركاتها، إذ "جرى، في هذا الصدد، الإتفاق على جدولة جديدة للقاءات والخطوات التي تسير في هذا الاتجاه، وتجعل قرارات المجلس الوطني الأخيرة ذات هوية مادية ملموسة، تستجيب لانتظارات المغرب في مجال الإصلاح الشامل". غير أن كل هذا لا يبدو أنه "امتص" حالة عدم الرضا لدى اتحاديين، الذين يتنبأون مسبقًا بعدم نجاح المكتب السياسي في تنفيذ انتظارات المجلس الوطني، بسبب عدم قدرة الحكومة الحالية على قيادة مبادرة الإصلاحات، خصوصًا الدستورية، وهو ما يؤشر على حدوث زلزال داخل الحزب. وفي هذا الإطار، قال محمد بوبكري، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، في تصريح ل "إيلاف"، إن "الخروج من الحكومة مسألة ضرورية"، وزاد مفسرًا "سنبقى مقيدين إذا استمر الحزب في الحكومة، وسيذهب دورنا التأطيري، وبالتالي سينقطع دورنا مع المجتمع". وأضاف محمد بوبكري، الذي أكد مقاطعته لاجتماعات الحزب، "يجب أن نخرج من الحكومة حتى نكون أحرارًا"، مشيرًا إلى أن "المجلس الوطني قدم ملتمس الانسحاب من الحكومة إلى المكتب السياسي، إلا أن هذا الأخير رفض عرضه للتصويت". وأوضح عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي "إذا لم نخرج من الحكومة لن يبقى لنا عمق شعبي"، مشددًا على ضرورة "العودة لمعانقة المجتمع، وتأطير قضاياه، وعقلنته". وأشار محمد بوبكري إلى أن "الاتحاد الاشتراكي في الحكومة كأشخاص فقط، وليس كفكر"، مبرزًا أن "الحكومة الحالية لا يمكنها قيادة الإصلاحات"، التي تمنى أن تنطلق الآن. وردًّا على سؤال حول مقاطعته اجتماعات المكتب السياسي، قال القيادي الاتحادي "لا يمكنني أن أكون داخل مؤسسة تجثم على صدر الحزب"، مؤكدًا أن "الأساسي هو أن يشعر المغاربة أنهم في الطريق الصحيح، إذ أنه إذا هرب المجتمع منا ومن الدولة، فانتظر الكارثة". من جهته، أكد حميد باجو، عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكي، أن "المجلس الوطني، في اجتماعه الأخير، نادى بالانسحاب من الحكومة، وعرض المسألة للتصويت، لكن المكتب السياسي، الذي كان يسير الجلسة، رفض عرض مسألة الانسحاب للتصويت، لأنه كان يعلم أن الأغلبية كانت ستصوت بالقبول". وذكر حميد باجو، في تصريح ل "إيلاف"، أن "الكاتب الأول للحزب، عبد الواحد الراضي، هدد بالاستقالة إذ عرض الانسحاب للتصويت". مقابل ذلك، يوضح عضو المجلس الوطني، "كانت هناك مفاوضات حول صيغة البيان ما بين التنصيص على الانسحاب أو تركها مفتوحة، ما يعطي هامشًا سياسيًا للتحرك، على أساس التشاور مع باقي الحلفاء، مع قبول جميع النقاط الأخرى المنبثقة عن المجلس، وتدرج في البيان، إلا مسألة الانسحاب". وأبرز حميد باجو أن "المكتب السياسي دخل في تعاقدات مع الدولة وأطراف أخرى، وبالتالي جرى وضع هذه التعاقدات فوق شرعية المجلس الوطني"، مشيرا إلى أن هذا "خلق مشكلاً كبيرًا، وبالتالي فإن القرارات التي تأخذ باسم الاتحاد الاشتراكي غير ديمقراطية". وتوقع عضو المجلس الوطني "تعمق الأزمة مستقبلا"، مبرزا أن "هناك دورة أخرى للمجلس الوطني، التي سيقدم خلالها المكتب الوطني نتيجة حواراته، التي وعد بفتحها مع الأطراف الأخرى". وعلى ضوء هذه النتائج، يشرح حميد باجو، "سيتخذ المجلس الوطني قراره"، وزاد قائلا "تقديري الشخصي هو أنه لا يمكن أن تأخذ أي مبادرة في إطار الإصلاحات الدستورية، وبالتالي سيلجأ المكتب السياسي إلينا بخفي حنين". وأضاف عضو المجلس الوطني "تخوفي أن يحاول المكتب السياسي البحث عن طريقة أخرى لتأجيل مسألة الانسحاب من الحكومة". وكان عبد الواحد الراضي، وقياديون اتحاديون، قد التقوا، الأحد الماضي، بعباس الفاسي، وطلبوا منه قيادة المطالب بالإصلاحات السياسية والدستورية. يشار إلى أن مشاورات الوزير الأول مع الأحزاب كانت مبرمجة، أمس الثلاثاء، قبل أن يتقرر تأجيلها إلى الجمعة. إيلاف