اندلعت الاحتجاجات الشعبية العنيفة، لأول مرة منذ اشتعالها، في ولايتي سيدي بلعباس وتلمسان التي تجري بها التحضيرات لتكون ''عاصمة الثقافة الإسلامية''، مخلفة أضرارا وخسائر فادحة جدا، في وقت شهدت منطقة مغنية الحدودية تعزيزات أمنية غير مسبوقة منذ أمس، لتشديد الرقابة على شبكات التهريب التي تستغل الأوضاع لتكثيف نشاطاتها الإجرامية على الحدود• عرف اليوم السادس من الاحتجاجات الشعبية عبر الجزائر تطورات خطيرة، في وقت سجلت الجزائر العاصمة هدوءا نسبيا ليلة السبت إلى الأحد، حيث التحقت كل من ولايتي تلمسان وسيدي بلعباس بالولايات المشتعلة، ليرتفع عددها إلى 20 ولاية، مما يعني أن قرابة نصف البلد أصبح تحت سطوة النار والنهب والغضب• وتفيد المعلومات الأولية القادمة من ولاية سيدي بلعباس، أن المواطنين شاع بينهم ليلة قبل اندلاع أعمال العنف خبر يؤكد نشوبها في اليوم الموالي، وهو ما جعل السواد الأعظم من العائلات تمنع أولادها من الالتحاق بمقاعد الدراسة، بعد أن قرر أولياؤهم، بدورهم، عدم الالتحاق بمناصب الشغل• وتقول المعلومات أيضا إن ساعات الصباح الأولى في سيدي بلعباس سادها الهدوء الذي يسبق العاصفة، بدليل امتناع الكثير من التجار عن فتح محلاتهم ووقوع تذبذب في حركة تنقل الأشخاص ووسائل النقل، لتتأكد بعد منتصف النهار إشاعة ليلة السبت وتتحول المدينة إلى خراب مشتعل• وتم تسجيل حسب مصادرنا المحلية هناك، أن المتظاهرين أحرقوا إدارة نفطال بطريق غزلان، وهو الشارع الذي شهد تخريبا ودمارا أكثر من غيره، لأنه شهد انطلاق الشرارة الأولى لأحداث الشغب، حيث أتت نار المحتجين أيضا على محلات القصابات والمقاهي ومؤسسة بن حدوس للسيارات التي تسوق العلامة الفرنسية الشهيرة ''سيتروان''• كما أحرقت إدارة الجزائرية للمياه إلى جانب إدارة سونلغاز• وعرف مقر سوناطراك القديم في المدينة، حرق ثماني سيارات تابعة لحظيرتها• ولم تسلم دار الثقافة هي الأخرى من النار مع مقر المصنع الياباني ''سامسونغ''، علاوة على البنك الفلاحي الذي دمر عن آخره في شارع سيدي الجيلالي بعد أن أكلته ألسنة اللهب• تلمسان ''عاصمة الثقافة الإسلامية'' تشتعل وفي وقت كانت تلمسان تستعد وتتزين في هدوء تام من أجل أن تكون عاصمة الثقافة الإسلامية في مارس المقبل، لفحتها نار الاحتجاجات والمظاهرات، وطرقت أبوابها بقوة، حيث اندلعت المواجهات، تحديدا، من أكثر الأماكن شهرة وحساسية، من السوق المركزي للمدينة والمسجد الكبير، بين شباب وقوات الأمن أطلقت فيها القنابل المسيلة للدموع واعتقال نحو عشرة أشخاص• وتفيد المعلومات التي استقيناها من مصادر محلية -أيضا- أن الاحتجاجات ابتدأت على الثالثة زوالا وانحصرت أولى الخسائر في تخريب ممتلكات خاصة وعمومية، منها قاعات للأنترنت ومحلات بيع الأجهزة الإلكترونية التي عرفت نهبا كبيرا، بالإضافة إلى بيت الشباب التابع لمديرية الشباب والرياضة التي سرقت منها الحواسيب كذلك• هذا، وأحرق المتظاهرون حافلة تابعة لمؤسسة النقل الحضري العاملة على خط تلمسان اوبيدان بالمنطقة الصناعية المسماة عين الدفلى، وعرفت معظم المراكز الجامعية انقطاع التموين بمواد غذائية للطلبة وعلى رأسها مادة الخبز• وتقول مصادر " الجزائر نيوز" إن اندلاع أحداث الشغب في تلمسان كان له طابعا استثنائيا، بسبب التعزيزات الأمنية غير المسبوقة التي عرفتها الولاية، بهدف حماية المنشآت ومشاريع عاصمة الثقافة الإسلامية التي يخشى المسؤولون أن يطالها ''أصحاب النار'' ورُصدت أقوى التعزيزات، مثلما ينقل إلينا محدثنا، للمركب الثقافي بحي الإمامة والمتحف الجهوي ومركز الدراسات الأندلسية• كما توقفت حركة النقل بشكل شبه تام، مما أدخل المواطنين في عزلة، هذا إضافة إلى وصول درجة الاستنفار إلى أقصى مستوياتها على الحدود بمغنية وتكثيف الدوريات، لرصد دقيق لحركة تنقل الأشخاص والمواد التجارية، درءا لأي مرور غير شرعي لشبكات التهريب بالمنطقة التي تحاول استغلال الوضع في المدينة• أما في العاصمة، فأفادت المعلومات بالأمس أن قوات الأمن باشرت حملة اعتقالات واسعة وسط المتظاهرين في مقرات إقاماتهم بعد تحليل كافة الصور والأشرطة المسجلة للاحتجاجات وأعمال الشغب والتخريب التي طالت الممتلكات الخاصة والعمومية• كما أن الشرطة تحركت للتصدي إلى تنظيم مسيرة في مدينة سطاوالي بالعاصمة بهدف التنديد بمقتل الشاب الذي سقط بالرصاص في خضم أعمال العنف•