تنوع ردود الفعل الإسبانية حول تطورات الصحراء الغربية الحاضرة بقوة في المشهد السياسي، إذ لم تعد تقتصر فقط على المطالبة بإدانة المغرب والتعاطف مع البوليزاريو بل أصبحت بعض القوى السياسية القومية مثل حزب اليسار الجمهوري الكاتالاني في هذا البلد الأوروبي تعتبر نفسها تحت الاستعمار الإسباني. في هذا الصدد، تزامنت أزمة العيون في الصحراء الغربية مع أجواء الحملة الانتخابية الخاصة بالحكم الذاتي في إقليم كاتالونيا وعاصمته برشلونة، وتنوع النقاش والخطابات السياسية بين التعاطف والتنديد والمقارنة السياسية. واعتبر مرشح الحزب الجمهوري الكاتالاني لرئاسة كاتالونيا خوان بويغسيركوس في تجمع انتخابي في مدينة برشلونة أن 'كاتالونيا مثل الصحراء الغربية، فهي مستعمرة، هذه الأخيرة من طرف المغرب والأولى من طرف اسبانيا، فمصير الصحراء تقرره الرباط في حين مدريد تقرر مصيرنا في كاتالونيا'. وتابع قائلا 'كاتالونيا مستعمرة في العالم الأول'. ويبرز هذا السياسي المعروف بمواقفه الراديكالية والذي يشارك حزبه في الائتلاف الحكومي الذي يسير حكومة الحكم الذاتي في كاتالونيا أن 'ليس من باب المبالغة القول أن كاتالونيا مستعمرة، لأننا لا نقرر شيئا في كاتالونيا، فالحكومة المركزية هي التي تقرر السياسة الضرائبية والعمل والسياسة الخارجية كما تأخذ مدريد خيراتنا وتعيد لنا النزر القليل'. ويتزعم هذا الحزب مطلب استفتاء تقرير المصير في كاتالونيا، ونظم استفتاءات رمزية خلال السنة الجارية في عدد من مدن وقرى هذا الاقليم. وفي سياق مشابه، كتبت جريدة 'إل ديا' أكبر جرائد جزر الخالدات في بداية الأسبوع افتتاحية قوية وشديدة اللهجة بعنوان 'صحراء في جزر الخالدات؟' تعتبر فيها أن اسبانيا كما خرجت من الصحراء يجب أن تغادر جزر الخالدات المعروفة باسم جزر الكاناري والواقعة قبالة السواحل الجنوبية المغربية. الافتتاحية تعتبر التواجد الإسباني تواجدا استعماريا كما كان في الصحراء وتتكهن بانتهائه في يوم ما كما انتهى في الصحراء. الافتتاحية تطالب اسبانيا في التفكير في مغادرة هذه الجزر الآن قبل فوات الأوان. وتعتبر عدد من الأقاليم التواجد الإسباني استعمارا خاصة كاتالونيا وإقليم الباسك ثم بعض القوى السياسية مثل التكتل القومي لغاليسيا في إقليم غاليسيا، وعمدت بعض حكومات الحكم الذاتي الى إجراءات عملية مثل المنع شبه الكلي باستعمال الإسبانية في كاتالونيا وتضمين كتب التاريخ دروسا في مدارس بعض هذه الأقاليم بأن اسبانيا قوة استعمارية. وترى الأحزاب القومية أن هذه الأقاليم شبيهة بالصحراء الغربية، فمدريد غادرت الصحراء سنة 1975 ويجب أن تغادر هذه الأقاليم المعروفة سياسيا باسم 'الأقاليم التاريخية' كاتالونيا وبلد الباسك وغاليسيا مستقبلا، كما توجد في جزر الخالدات حركات انفصالية لكنها فقدت الكثير من قوتها السياسية، ويبقى ائتلاف الكاناري أقوى حزب لكن مطالبه السياسية تطالب بإعادة النظر في العلاقات القانونية مع الحكومة المركزية دون الانفصال. القدس العربي