كان موضوع حلقة "مباشرة معكم" حول السينما جدير بالاهتمام والمتابعة ، إذ طرحت الحلقة عدة مشاكل وعقبات تعيشها السينما المغربية ، هذه المشاكل التي أسالت الكثير والكثير من المداد كما أنها طرحت في العديد من المناسبات.لاشك أن جامع كلحسن توفق في تسيير هذه الحلقة ، لا من حيث النقاش، ولا من حيث أهمية الموضوع والأسئلة المصاحبة له. فهل حضيت هذه الأسئلة بأجوبة مقنعة ستساعد ولو نسبيا في حلحلة المشهد السينمائي ببلادنا؟ جميع المشاركين أدلوا بآرائهم لن أقول أنهم كانوا على خطأ أو على صواب، بل هناك أفكار جميلة وصائبة لو جمعناها وأضفنا إليها أفكارا أخرى لم يتطرقوا إليها، ربما توصلنا إلى بعض الحلول الناجعة التي قد تساعد على الخروج من المأزق. القاعات السينمائية في انقراض مستمر وبسرعة عمودية... وهناك جمعيات تسعى إلى ترميم الصالات وترميم الأفلام الموجودة ولكن بدون جدوى فالأفلام المرممة لا تصلح لشيء وهي غير قانونية حسب أصحاب العلم والقانون. وأصحاب القاعات السينمائية في حاجة إلى مدخول قار ومهم للحصول على الاكتفاء بل الربح (لأن هذه تجارة) لكي يرمموا أو يصلحوا أو يجهزوا صالات لفرجة ممتعة وصالحة. لقد كانت هناك فكرة تسليف أو تسبيق من الدولة لأصحاب القاعات السينمائية الكبيرة لكي يقسموها ويجعلوها قاعات صغيرة ولكن مريحة ومكيفة وتستعمل احدث الوسائل التقنية السينمائية وتنشر منتوجات كثيرة ومتنوعة لإقناع طلبات مختلفة وأذواق متفرقة للمتفرجين. وهذا يطلب منا أن ننتج أفلاما تجارية مربحة تدر أرباحا لمنتجها ومخرجها ولدور السينما العارضة. وهنا نقف عند فكرة إنتاج الأفلام المغربية وأهمية الكم/الكيف وفي رأي أغلبية السينمائيين أن المغرب لابد أن ينتج العدد الكثير من الأفلام، صحيح أن هناك أفلاما رديئة وأخرى متوسطة وقليل منها جيد. ولكن كثرة الإنتاج يكسب المهتمين والعاملين بالسينما (تجربة كبيرة) من مخرجين ومصورين و موضبين وغيرهم من التقنيين الذين أصبحوا بفضل الخدمة المتكررة في صناعة الأفلام المغربية والأجنبية يشهد لهم بالحنكة والذكاء وهذا ما سوف يقلل من تردد أسماء التقنيين الأجانب في أفلامنا المغاربة. وكما طرق إليه في البرنامج فليس هناك أي عيب أن يستخدم الأجانب في أفلامنا الوطنية ويجب أن لا يكون عندنا عقدة الغير مغربي... وعقدة الأجنبي... وإنتاج الكثرة من الأفلام تؤدي إلى نوع من الأفلام الجيدة في الأخير وهنا يجب التذكير بطرفين مهمين ويجب أن تكون لهم آثار بعد الإنتاج: الجمهور والنقاد الجمهور، أذواق مختلفة ومتفاوتة حسب السن وحسب المستوى الثقافي وكذلك حسب النزوات فقد يتوق المثقف العالي المستوى إلى رؤية فيلم كراطيه أو فيلم فرجة تجاري محض. وللجمهور حكم على الأفلام المغربية حسب هذه المعطيات وحبهم لفيلم ما يقاس بعدد التذاكر التي بيعت في الشبابيك ولا يعاب عليهم أن يشاهدوا هذا أو ذلك الفيلم. الطرف الثاني ذو الأهمية العلمية والتقنية الكبيرتين هم النقاد. لقد ذكر بعضهم أن ليس هناك نقاد سينمائيون حقيقيون، ليس هذا صحيح فهناك أناس مثقفون يهتمون بالسينما وتقنياتها لهم ثقافة سينمائية اكتسبوها عبر تجربة مشاهدة وقراءة وكتابة آراء ونقد أفلام مغربية وأجنبية. النقد لابد منه ولكن بشروط أن يكون بناءا قد يكون قاسيا وعنيفا ولكنه يجب أن يحترم الآخر/المخرج وان يعي المشاكل التي عاشها المخرج طيلة تصوير وتوضيب فيلمه. وهنا نشير إلى الفكرة التي ترددت كثيرا وهي أهمية التكوين والتكوين المستمر وهذا صالح لكل المهن والحرف. نعم لابد من الموهبة ولكن يجب صقلها والصقل يأتي من التجارب ومن ارض الواقع ومن المشاكل التي تعترض التصوير وتعترض الصورة والحالة الجوية والديكور.... إلى غيرها من التقنيات والألاعيب التي يعتمدها المخرج في فيلمه عند اضطراره إلى فعل ذلك. ولكن التكوين والتعرف العلمي والأكاديمي على الأبجديات وعلى الجديد في فن وعلم السينما ضرورية حسب المقاييس الدولية. فالسينما فن وعلم وهي كذلك صناعة. والجمهور مع النقاد كل يشاهد الفيلم حسب ذوقه ووجهة نظره. والأفلام التجارية ضرورية (ولها عشاقها) للربح المادي وللتمكن من الإنتاج المستمر والأفلام الراقية ضرورية (وليس بالضبط غير مربحة) لإشباع طبقة خاصة من المتفرجين. وهنا يبرز اختيار آخر: أهمية الأندية السينمائية التي كان لها دورها قبل سنين ولقد اضمحل الآن. والحلول المقترحة للوصول إلى تقدم السينما بجميع مشاربها ماديا ومعنويا. 1- ترميم القاعات السينمائية وجعلها مريحة وتقسيم القاعات الكبيرة إلى صالات صغيرة مجهزة بأحدث تقنيات الإرسال. 2- إنتاج عدد كبير من الأفلام إذن دعم زائد إلى الأفلام المغربية المتقدمة كل سنة. 3- إحداث مدارس ومركبات لتعليم تقنيات السينما وإحداث شعبة أكاديمية عليا في الكليات ودورات لدعم التكوين المستمر. 4- إدخال ضمن الشروط عند تصوير الأفلام الأجنبية، توظيف عدد من التقنيين ومن الممثلين والمهتمين بالسينما المغاربة. 5- دعم المهرجانات السينمائية الجادة وإزالة الكليشيات والفترينات أمام أعين العدسات المغربية والأجنبية. 6- استخدام أهل المعرفة وأهل المهنة في اللجن الداعمة والتنظيمية. 7- استعادة أهمية الأندية السينمائية ومساعدتها ودعمها للتقدم وترسيخ ثقافة الصورة والسينما بين جميع شرائح المجتمع وخاصة الشباب 8- مساعدة الجماعات المحلية للتكلف ببعض القاعات السينمائية في المدن الكبيرة أو القاعة الوحيدة في المدن الصغيرة. هذه بعض الأفكار التي أتمنى أن تدفع بالمشروع السينمائي المغربي إلى الأمام. الدكتور بوشعيب المسعودي ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة