بعد مشاركة متميزة وناجحة له مؤخرا في مهرجان برلين السينمائي الدولي، نزل إلى القاعات السينمائية الوطنية ابتداء من 22 شهر فبراير الماضي فيلم " بيع الموت" للمخرج المغربي فوزي بن السعيدي. سينما فوزي بن السعيدي ما يميز مسيرة بن السعيدي السينمائية، كونه تمكن من عرض أفلامه في أكبر المهرجانات في أوروبا والعالم. بحيث سبق للمخرج المغربي فوزي بن السعيدي أن شارك بأول أفلامه الطويلة "ألف شهر" في مهرجان كان الدولي للسينما، وعرض فيلمه الثاني "يا له من عالم جميل" في مهرجان البندقية السينمائي. وعمله السينمائي الأخير، فيلمه الطويل الثالث "بيع لموت" حظي مؤخرا بعرضه ضمن فعاليات مهرجان برلين الدولي للسينما "برليناله" في صنف أفلام البانوراما. وهو ما اعتبره بن السعيدي في حينه أنه تتويج للسينما المغربية والعربية بصفة عامة، وأعرب عن سروره بالصدى الإعلامي والإقبال الجماهيري الذي حضي به فيلم "بيع للموت" في مهرجان برلين الدولي، برليناله في نسخته 62. هذا الفيلم الذي حظي بالتنويه سواء من اللجنة التحكمية لمهرجان برلين أو من طرف الجمهور الحاضر بكثافة في فعاليات المهرجان. فيلم "بيع الموت" حصل مباشرة بعد عرضه في مهرجان برلين على جائزة تقديرية من الكنفدرالية الدولية للسينما والفن والتأليف. "بيع للموت" تشويق.. كوميديا وطابوهات يتناول فيلم "بيع للموت" لفوزي بن السعيدي في بناء سينمائي يزاوج بين التشويق البوليسي والكوميديا السوداء مسارات حياة ثلاثة أصدقاء هم مالك وعلال وسفيان الذين يعيشون على السرقة والنهب بالإضافة إلى جرائم أخرى. وقد اختار المخرج أزقة وشوارع مدينة تطوان شمال المغرب كفضاء درامي لسرد المشاكل الاجتماعية والسياسية التي يتخبط فيها الشباب المغربي، والتي تؤدي أحيانا إلى الانحراف وبيع الذات. حيث سيقرر الثلاثة سرقة محل للمجوهرات معتبرين هذه العملية هي "ضربة العمر" بالنسبة إليهم، ولكن لكل واحد منهم أسبابه ودوافعه في الإقدام على هذه "المغامرة"، وهذا ما يؤدي أيضا إلى تعارض المصالح والاتجاهات واختلاف المسارات بعد ذلك. فمالك يبلغ من العمر 26 سنة ويعيش قصة حب مع دنيا التي تشتغل كعاهرة في مرقص ليلي قرر المشاركة في السرقة من أجل إنقاذ عشيقته، في حين أن علال (30 سنة)، والذي يقف ضد حب مالك لعشيقته دنيا كونها عاهرة ، قرر المشاركة في جريمة السرقة للحصول على المال الكافي لدخول عالم تجارة المخدرات. أما سفيان الذي لا يزال تلميذا في المدرسة (18 سنة) فدافع مشاركته مغاير تماما فهو يسعى لقتل صاحب المتجر المسيحي. هكذا وعبر مشاهد قوية ولقطات تشد المتفرجة وصور تصدم العين والحواس، تسلط قصة "موت للبيع" الضوء على شخصيات ترتمي في أحضان الانحراف والتيه والضياع، هو عالم يعج بالتناقضات والصدامات.وينقل سينمائيا حكاياتهم ومسارتهم التي تحكمها قسوة الزمن الموبوء والرديء ويعيد تشكيل حالاتهم النفسية والمزاجية المتقلبة بفعل سطوة ما يفعله فيهم االفقر والبؤس والتهميش والفقدان. والذي يؤدي بعديدين منهم في أحيان كثيرة إلى الانزلاق والسقوط في فخ التطرف الديني. بن السعيدي يوظف لغة سينمائية بمرجعية العصر يوظف هذا المخرج الشاب ذو المرجعية الأوربية لغة سينمائية تمتح أصولها وميكانزماتها من راهن العصر وتحدياته، ويتوسل فوزي بن السعيدي لتحقيق لغته السينمائية هاته على تقنيات وأساليب سينمائية حديثة وعلى لغة شباب اليوم في حوارات شخوص أفلامه، وهي لغة تنهل عباراتها ومعجمها من صميم الواقع الشبابي المعاش، وهو ما أكسب فيلمه الأخير "موت للبيع" قوته الأدبية وعمقه الفني والجمالي. بالإضافة إلى أن المخرج فوزي بن السعيدي لا يقتصر على دوره كمخرج يدير ممثليه، بل ظهر في أفلامه الثلاثة كممثل يجسد إحدى الأدوار، كما هو الشأن في فيلمه الجديد "بيع للموت" حيث فيه دور مفتش الشرطة. هو ... مسرحي تحول إلى السينما ولد المخرج فوزي بنسعيدي عام 1967 بالعاصمة الإسماعيلية مدينة مكناس، وهم يقيم ويعمل حاليا متنقلا بين الدارالبيضاء وباريس، عرف عن بن السعيدي أنه فنان ومخرج سينمائي له لمسته الخاصة. بدأ فوزي بن السعيدي مشواره الفني كمخرج مسرحي ثم تحول إلى السينما وأخرج فيلمه الأول "ألف شهر" سنة 1997. وتدرج هذا المخرج المهووس بسينما الحركة عبر أساليب سينمائية متعددة، سيمتها البارزة أنها تمزج عناصر تتراوح ما بين النهاية الغامضة والكوريغرافيا الصاخبة، إلى جانب تعليقات وردود تتخذ من العلاقات الإنسانية والمجتمع المغربي المعاصر مواضيع وتيمات محورية لسينماه. كما هو شأن فيلمه الثاني المطول "يا له من عالم رائع" الذي اعتمد فيه على التشويق وبطله قاتل محترف وتدور أحداثه في مدينة الدارالبيضاء.نال هذا العمل إعجاب الجمهور والمهتمين ونقاد السينما، وحضيت أفلامه القصيرة "كالجدار" و"المطر" بجوائز مهمة في مهرجاني كان والبندقية للسينما الدولية. سعيد فردي خاص ب: ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة