بوريطة يستقبل وزير الشؤون الخارجية الغامبي حاملا رسالة خطية من رئيس جمهورية غامبيا إلى الملك    الرباط .. حموشي يستقبل المفوض العام للاستعلامات بإسبانيا    تخليق الحياة العامة: النيابات العامة تضبط 61 حالة رشوة عبر الخط المباشر في 2024    الرباط .. الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التحول الرقمي في صلب أشغال الدورة ال24 لمؤتمر وزراء الثقافة العرب    نشرة إنذارية.. موجة برد وتساقطات ثلجية بالدريوش والحسيمة    مصرع امرأة في العرائش بعد اندلاع حريق داخل منزلها    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    سرعة التدخل تمكن من إخماد حريق غابوي بجبل "أغاندرو" بإقليم الحسيمة    "بوحمرون" يتسلل لسجني طنجة وتطوان ويخلف 25 إصابة    عمر نجيب يكتب: معركة غزة تعدل مفاهيم وقواعد الحرب الحديثة غير النظامية    العدوي: الحصيلة المنجزة في مجال محاربة الأمية "غير مرضية" رغم الغلاف المالي المعبأ الذي بلغ 3 ملايير درهم    الجزائر تُهدّد أمنها الاقتصادي والدبلوماسي بتآمر مكشوف ضد تركيا    139 مليون درهم.. زينب العدوي تعرض أمام البرلمان حصيلة المحاكم المالية    الرباط.. مؤتمر حول مكافحة الإرهاب والأمن البحري على طول السواحل الإفريقية الأطلسية    انطلاق مهرجان آنيا تحت شعار "الناظور عاصمة الثقافة الامازيغية"    بعد أخبار مصرية حول تأجيل كأس أفريقيا للأمم.. الجامعة الملكية المغربية توضح    تسجيل نمو ملحوظ في المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا في سنة 2024    "تضخيم أرباح" يورط مستوردين مغاربة في شبهات تبييض أموال    رئيسة مجلس الحسابات تنبه الحكومة إلى الحاجة العاجلة لإصلاح أنظمة التقاعد    أشرف حكيمي يوضح حقيقة وضع أملاكه باسم والدته    "المستهلك" تحذر من وسطاء رمضان    "بوحمرون" يقتحم أبواب السجون المغربية وينتشر بين المساجين    الفنان ياسين احجام يروج لشخصية المعتمد بن عباد    أخنوش يترأس حفل بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة 2975    العدوي تقدم عرضا أمام مجلسي البرلمان حول أعمال المجلس الأعلى للحسابات برسم 2023/2024    انتشار "بوحمرون" في 13 مؤسسة سجنية: تسجيل 79 إصابة و27 حالة شفاء    مجلس الحسابات يحذر من تأخر إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة ويدعو إلى تحسين الحكامة    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    غياب مدرب الجيش الملكي عن مواجهة صن داونز بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة    "الكاف" يضع المنتخب المغربي في القبعة الأولى الخاصة بقرعة كأس إفريقيا للمحليين    3 آلاف شرطي يعتقلون رئيس كوريا الجنوبية المعزول    اختيار جامعة محمد السادس لقيادة قطب الاستدامة بمنتدى مستقبل المعادن بالرياض    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    نادي مولنبيك البلجيكي يتعاقد مع بنجديدة على سبيل الإعارة    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    تسجيل 25 إصابة بداء بوحمرون في السجن المحلي طنجة    تقرير يكشف أن 66 قضية أمام المحاكم تخص نساء ورجال التعليم خلال 2024    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة ودعمه للحكم الذاتي في إطار السيادة المغربية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الأربعاء    العاهل الإسباني يؤكد على الطابع الخاص للعلاقات مع المغرب    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    الاتحاد العام للصحفيين العرب يجدد دعمه للوحدة الترابية ولسيادة المغرب على كامل ترابه    للمرة الثانية.. تأجيل إعلان ترشيحات جوائز الأوسكار بسبب حرائق لوس أنجلس    مؤتمر إسلام آباد يدعم تعليم المرأة    رسميا.. "الكاف" يعلن تأجيل بطولة "شان 2024"    لجنة الأوراق المالية الأمريكية ترفع دعوى ضد إيلون ماسك بسبب "تويتر"    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    تساؤلات تطال مدونة الأسرة بشأن رهانات التعديل وإشكاليات المقاربة    عروض الشهب الاصطناعية تُضيء سماء أكادير احتفالاً برأس السنة الأمازيغية 2975 (الفيديو)    تفشي داء بوحمرون يحيي أجواء كورونا في محاكم طنجة    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لغتنا في سينمانا المغربية

اللغة أداة تواصل،يعبر بها كل قوم عن أغراضهم كما قال ابن جني،رحمه الله. اللغة حسب الدستورالمغربي وبقية الأدبيات التربوية والثقافية والإدارية الخ المنشقة عنه و/أومنه، مكون من مكونات هوية هذا الوطن العزيز.
السينما فن وصناعة،ومن خلالها تتحقق،( وهذا ماينبغي أن يتحقق)، رسالة ذوقية وثقافية واجتماعية رفيعة، تساهم في بناء الإنسان/المواطنة، الفاعلة والمنفعلة بقضاياها المتعددة،في أفق الانخراط في سؤال التنمية،بكل حمولاتها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والفنية والتربوية الخ. لماذا كل هذه التقديمات "الرنانة"،كما سيقول القارئ الكريم؟.
و"أنا" أتابع عرض الأفلام المغربية،في سياق الدورة الأخيرة للمهرجان الوطني للفيلم المغربي بعروس الشمال المغربي طنجة، كفرصة ثقافية وفكرية مهمة ودالة،لاحظت مدى غياب الاهتمام بهذا المكون الفيلمي،أي اللغة العربية سواء على مستوى الترجمة أو بقية المكونات الأخرى (يمكن الحديث عنها الآن كظاهرة)،مع العلم أن الامكانات جد متوفرة لتجاوز هذه الصورة السلبية التي بدأت تنخر هذا المكون الثقافي أي السينما المغربية الى حد التشويش عنه،لاسيما وأن العديد من هذه الأفلام يعرض في مهرجانات عربية ،وحتى أجنبية بها جاليات عربية مثقفة وازنة لها قوتها الثقافية العربية،ممسكة بالمنظومة اللغوية العربية،بشكل جيد، كتابة وتحدثا.
لا زلت أتذكر موقف أحد أساتذتي العراقيين،بكلية الآداب والعلوم الانسانية بمراكش الدكتور العبيدي(عالم لغوي كبير‎)،في بداية الثمانينيات،والذي (إن كان لا زال حيا ،أطل اللهم عمره،وإن انتقل الى جوارك، فاللهم أدخله جنتك الفسيحة)،كان ملاحظا دقيقا لطبيعة تحدثنا نحن، المغاربة، في حياتنا اليومية،أتذكر انه درس عمق الدارجة المغربية على مستوى العديد من كلماتها ، كما درس وحلل هذا الخليط المتناقض ،لاستعمالنا للعديد من الكلمات الفرنسية في تواصلنا اليومي. أتذكره أنه تفاجأ لرغبة العديد من الطلبة في تأثرهم التواصلي الزائد باللغة الفرنسية حتى فيما بينهم (حالة لا زالت مستمرة الى الآن، كلمات بالدارجة المغربية وأخرى بالفرنسية وأخرى بالفصحى،مما يولد مشاكل تواصلية عديدة للمتلقي)،وهو ماجعله يتراجع عن تعلم هذه اللغة التي كان قد أقر تعلمها حينما حل لأول مرة قصد التدريس بالكلية السالفة الذكر. على كل الفعل الاستعماري اللغوي لا زال يفعل فعله في بنية الجملة المغربية (أقصد الدارجة المغربية).كل هذاالكلام أردت أن أجعله تمهيدا،أساسيا لطرح السؤال التالي . ماهي صورة لغتنا العربية في سينمانا المغربية؟.
معظم الأفلام التي شاهدتها، يطرح (بضم الياء) عليها هذا السؤال.فإذا كانت هذه الأفلام معظمها مدعم ويشتغل باحترافية، نسبية، على كل ،فلماذا لايهتم مكون الانتاج،الذي يتحمل هذه المسؤولية، بمكون اللغة العربية أثناء تشغيل هذا المكون الثقافي والفني والجمالي؟. فمن خلال تتبعي لهذه الأفلام ، يمكن استخراج العديد من الأخطاء المتنوعة، وهذا من العناصر المشوشة جدا،أثناء تتبع الفيلم، بل إنني أحيانا أصاب بنوع من الاستغراب،وأطرح السؤال التالي على نفسي . هل تمت الاستعانة بأهل الاختصاص عبركل المكونات المشغلة في الفيلم أم لا؟.
إن الاهتمام بمكون اللغة هو اهتمام بمكون ثقافي وتعبيري،التقليل من أهميته هو تقليل لكل مرجعياته المنظمة له. أعرف جيدا،أن هذا وليد اللاهتمام من طرف العديد من المكونات الادارية والتربوية الخ،صورة مهزوزة الى حدود غريبة جدا لدى العديد من المسؤولين حيث استمعت الى أحدهم يقول في ندوة فكرية هنا بمدينة خربيكة، (لماذا هذه اللغة؟ما فائدتها؟أفضل أن تمحى وتعوض في جميع المرافق الادارية باللغة الفرنسية، إن اللغة العربية عائق أمام تطورنا)، ترجمت كلامه هنا باللغة العربية،وطبعا ما قاله هو باللغة الفرنسية، مثل هؤلاء أجدهم في العديد من المدن المغربية،وفي العديد من اللقاءات الفنية والفكرية الخ ، طبعا ، نجزم هنا جزما قاطعا ،أننا مع كل انفتاح لغوي وثقافي ،لكن من موقع عدم تذويب ومسخ الذات.أعرف جيدا،أن العديد من دعاة محو اللغة العربية ، ذائبون الى حد النخاع في ذات الآخر، بل لو أتيحت لهم فرصة التنكر ومحو هوياتهم ولون شعرهم وأسمائهم وطرق عيشهم،لفعلوا.
هذا التداعي هو بشكل أو بآخر وليد نظرة العديد من المشتغلين في الحقل السينمائي المغربي،مع وجود استثناءات طبعا محترمة لهذا المكون اللغوي الثقافي .أما إذا انتقلنا الى طبيعة المعجم الموظف في مجموعة من الافلام المغربية، على مستوى الدارجة المغربية،فوحده علم النفس أوعلم الاجتماع من يمكن له أن يقوم بتشريح هذه الاستعمالات اللغوية التي تجاوزت حدودا عديدة مما يجعلك تتساءل أحيانا،هل نحن أمام ثقافة الصورة،أم أمام جلسة خمرية ،تجاوز فيها الشاربون الحدود ففقدوا وعيهم مما جعل لا وعيهم باللغة الفرويدية يقول كل شيء ؟. طبعا شخصيا أومن اشد الايمان بضرورة توظيف كل الأشكال التعبيرية الممكنة ،لكن في سياقات الضرورة ومن موقع اللغة السينمائية الموحية والدالة .
كتب أحد النقاد المغاربة معلقا على هذه الظاهرة، قائلا في ما معناه ،إن هؤلاء الموظفين لهذه اللغة، التي أصبح الكلام العادي فيها هو القليل، والساقط هو القاعدة، إن هؤلاء قالوا كل شيء في دفعة واحدة ،فماذا تركوا للآتين؟.
إن غايتنا من هذا المقال ،أن ننبه الى ضرورة احترام أبسط القواعد اللغوية أثناء الترجمة وأثناء كل الاستعمالات اللغوية، لاسيما وأن وطننا العزيز يزخر بكفاءات متعددة في هذا المجال. من الممكن أن يرد علينا هنا بأننا أمام مشكلة بسيطة لا تحتاج منا كل هذا التنبيه. من حق من سيقول هذا الكلام قول ذلك،فحق الرد مكفول ومحترم،إيماننا منا بمنطق" وقدسية" الاختلاف،لكن في حقيقة الأمر،الموضوع من خلفه رؤية "تحقيرية" لهذه اللغة ولتراثنا اللغوي المغربي،أحسست بها لدى العديد من الإخوة ،وشخصيا أهمس في آذانهم، قائلا إن هذا النوع من "الهدم" المقصود، أو غير المقصود، يساهم في "صنع" التطرف على جميع المستويات. "هدم" يتناقض وطبيعة أدوار فن السينما،باعتباره مجالا وفضاء لاحترام الهويات والانخراط في تفكيكها وبنائها وتطويرها وفق رؤى فنية وجمالية ممتعة،مؤمنة بالاختلاف وتعدد الرؤى،لكن في سياقات عدم "المس "بالمتفق عليه في مكوناتنا الثقافية بشكل عام.
كم أهوتني وشدتني "أشلاء"،حكيم بلعباس، هذا الفيلم الذي خلخل الجميع،والذي كان بمثابة درس سينمائي للجميع،ودليلي في ذلك فوزه بجائزة النقد،وما تحمله في طياتها من اشارات نقدية قوية ودالة،بالإضافة الى الجائزة الكبرى للمهرجان."أشلاء" هذا المخرج المغربي المصغي جيدا لهويته المكانية والزمنية واللغوية والثقافية والاجتماعية والسياسيةالخ، جعلتنا نقتنع بشيء واحد،وهو،وفي ظل هذه الزحمة الفيلمية المغربية الكمية التي لا نملك إلا أن نصفق لها،لابد أنها ستولد من سيمتلك النفس الفني الذي سيذهب به، وإلى حدود بعيدة، ستكون السينما المغربية بشكل عام هي الرابحة الاولى فيه.
فالشخص الذي تحدث في الفيلم عن الزمن الذهبي للقاعات السينما المغربية خلال فترة الستينيات والسبعينيات والثمانينيات،صور واقع هذه القاعات اليوم ب.... كلمة قدحية واحدة في الفيلم كررها هذا الشخص وهو يضحك ويتألم في الوقت نفسه ،عما آلت اليه وضعية القاعات السنمائية المغربية من تراجع مهول ،كلمة ساقطة تقبلها الكل ،بل الكل ضحك ،وكانت الكلمة في سياقها الطبيعي القوي والمعبر.فهل من مستخلص لفكرة ما ،من هذا العمل الفني الناهض على رؤية أن المرور الى الكونية والعالمية من الممكن جدا،أن يمر عبر المحلية في كل تجلياتها ومكوناتها الثقافية والاجتماعية الخ.
د . الحبيب ناصري
''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر والكاتب عند الاستفادة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.