العملية السينمائية بدولة مالي في البدء، كانت تجارب فردية ليس للدولة أي دخل ، فهي قد ولدت بمبادرة من عدد من عشاق الفن السينمائي كأسلوب للتعبير ، والانطلاقات الأولى كانت مع الاستقلال (1960) لتتطور بشكل ملحوظ من خلال الأعمال السينمائية التي يقدمها مخرجوها ألقليلي العدد ، والإنتاج الذي اعتمد في مجمله على المالي الأجنبي وخصوصا المؤسسات الثقافية الفرنكوفونية بفرنسا وبلجيكا ..والإنتاج جنوب – جنوب سجل المغرب عبر المركز السينمائي المغربي نصيب أوفر منذ الثمانينات من القرن الماضي .. وسعت الدولة المالية لإنشاء المركز الوطني للسينما بناء على قرار صدر بتاريخ 29/11/1979 ، يعهد له تسيير قطاع السينما : إنتاجا ، وإنتاج مشترك ، انجاز أشرطة إخبارية ووثائقية وتربوية ..والقوافل السينمائية ، ومنح التأشيرات لترويج الأشرطة السينمائية طبقا لقرارات اللجنة الوطنية للرقابة ، التراخيص للتصوير ، منح البطائق المهنية وفي سنة 2005 أصبح يحمل اسم المركز الوطني للإنتاج السينمائي ، وقد تداول على إدارة تسييره اغلب الأسماء السينمائية البارزة في تاريخ السينما المالية وبالمركز يوجد مركز للتكوين السينمائي المتعدد التخصصات التقنية والفنية ، والمعهد يهيئ الراغبين في ولوج السينما .. فهذه السينما التي ظلت في مجملها تعكس الواقع المالي عبر تحولاته السياسية و المجتمعي من أفواه الرواة أومن احتفالات "الكريوة او دجيلي" انها فرق موسيقية احتفالية تعتمد على ألحكي للأحداث ، والتي عبر عنها سينمائيا ،وتوظيف مجموعة من العلامات الثقافية الاثنوغرافية والأسطورية اعتمادا على المصدر الأساسي للتاريخ ماضي وحاضرا لبلاد، إنها جذور الثقافة الإفريقية وسياقاتها الاجتماعية .. إنها مصادر خصبة..عذراء..أصيلة.. استطاع السينمائي المالي أن يستعين بها،ليقدم دروسا في "الانتربولجيا الإفريقية ".. ويعرف بواقعه، واعترف العالم بالسينمائي المالي قبل أن تولد السينما بمالي – عبر المؤسسات - ولمعرفة تاريخ سينما المالية يكون ذلك عن طريق مسار تجارب سينمائيها .. اداما درابو ولد سنة 1948 بباماكو (عاصمة مالي ) وتوفي بها يوم 15 /07/ 2009 كان مولعا بالسينما في وقت مبكر من حياته ، اشتغل مدرسا لمدة عشر سنوات بالريف المالي ، وألف عدد من المسرحيات ، وسنة 1979 يلتحق بالمركز الوطني للسينما ، وعمل مساعد مخرج للشيخ عمر سيسيكو ، وسنة 2008 اخرج مع لادجيد دياكيتين شريط " فانتا فانك / سلطة الفقراء ". قبل أن يظهر اسم سليمان سيسي إبداعيا بوقت قليل فالمعطيات منعدمة عكس سليمان سيسي الذي ولد في 21 /04/ 1940 بباماكو (عاصمة مالي )مهووس بالصورة السينمائية منذ فترت شبابه .سنة 1960 عند انطلاق الفدرالية المالية للاستقلال ، انخرط بالحركة الشبابية وبدا يقدم عروضا سينمائية بدور الشباب بالعاصمة بماكو وكان للفيلم الوثائقي حول اغتيال المناضل الإفريقي باتريس لوموبامبا اثر عميق في نفسيته وتأثير السينما كوسيلة لمخاطبة الجماهير بلغة سهلت مرنة سريعة دون وسيط ، فحصل على منحة للدراسة بالتعليم العالي فالتحق ب " المعهد العالي للدراسات السينمائية بموسكو " ليتخرج سنة 1969 ..ومابين فرنسا وبلده عمل على بناء أسس القواعد التي ستحسم في مساره السينمائي بامتياز ، وفي سنة 1971اخرج شريط " خمس أيام من حياة "، حول قصة طفل لم يسير حياة الدراسة بالكتاب القرآني لينخرط في حياة التسكع بالأزقة ، الشريط استأثر باهتمام لجن تحكيم قرطاج بتونس فمنحوه جائزة ، النتيجة منحته القوة على المزيد من الإبداع وفي سنة 1975 اخرج : "دين كوزو / الشابة" ، إنها فتاة بكماء تتعرض للاغتصاب من طرف عاطل وينتج عن ذلك حمل ويتخلى عنها ويوضح سليمان سيسي الموقف : " إني ارغب في طرح قضية الأمهات العازيات المنبوذات من طرف العائلات والمجتمع ، وتوظيف البكم في هذا الشريط يشير إلى هؤلاء النسوة العاجزات عن الكلام .." الشريط منع من العرض بمالي وثم اعتقال المخرج والشريط لم يحصل على تأشيرة العرض إلا في سنة 1978 ، دون أن تنخره احباطات السياسي بل دخل في التحدي واخرج شريطا أخر سنة 1978 : " بارا –الشغل أو العمل " إنها حكاية مهندس شاب رغب في إدماج العمال في العملية الإنتاجية وتعريفهم بما لهم من حقوق من خلال اجتماع موسع ، الفكرة لم تتحقق لان رب العمل اختطف المهندس الشاب وعمل على تصفيته جسديا ..الشريط تم الاحتفاء به وبصاحبه ، والذي سيحقق أعلى مراحل توهجه مع شريط " واتي /الوقت، الزمن " سنة 1995 ، فمن خلال الطفل "ناندي " الزنجي من إفريقيا الجنوبية خلال فترة حكم الابرتاي ، يقرر الفرار من الوطن نحو ساحل العاج ، ونحو مالي ، وناميبيا ، ليعود للوطن بعد تنحية الابرتاي النظام العنصري الذي حكم البلاد بيد من حديد ونار .. إن النجاحات التي حققها شريط النور بالقارة الإفريقية وأوربا وبالخصوص فرنسا المدعم للطرح والإبداع السينمائي للمالي سليمان سيسي منحه القوة على المضي نحو الأمام وكانت سنة 2009 مناسبة أخرى ليطبع الابدع السينمائي الإفريقي بنفحة " سيسية " ويستحق ذلك اللقب في بلد تختنق فيه الحريات وتغضب الطبيعة ويصبح العيش شبه مستحيل كالتفكير .. كالإبداع ..وكانت سنة 2009 مناسبة ليعطي فيها شريط " مين يي " انه مشكل يؤرق المجتمعات الإسلامية ولم يحسم فيه ويتعلق الأمر بتعدد الزوجات وخصوصا ضمن مجتمعات تعيش صعوبات في تدبير شؤون العيش ، الشريط فضلا عن طرح الإشكال منح صورة أخرى للطاقم الفني للشريط وإبراز البطل النجم القادر على الإقناع ولعب ادوار ليس من السهل إقناع المشاهد بها وهكذا قدم لنا شخصيتين : الممثلة سكونى كاكو المنشطة الإذاعية والتي لعبة الدور الرئيسي إلى جانب الممثل حسن كوياتي وهذا منح الشريط اهتماما إعلاميا من طرف عدد من المنابر الإعلامية أثناء عرضه بمهرجان كان السينمائي الدولي بفرنسا.. فابلا عيسى طراوري، فنان مالي متعدد المواهب فهو كاتب ممثل مخرج درامي ..ولد تقريبا في سنة 1930 ببوكوني (مالي) وتوفي يوم 08 /08/2003 بالرباط (المغرب) .سنة 1973 يهاجر إلى ألمانيا لدراسة السينما شعبة الإخراج ، ليعود إلى الوطن ويلتحق بوزارة الرياضة والفنون والثقافة ليشرف على شعبة التشخيص الدرامي ، وفي نفس الوقت كان يشتغل مع السينمائيين الماليين مثل السينمائي خليفة دينطات بشريط ابانا / النهاية الذي عرض بخريبكة (02/1983) ، وشريط نديوكو ، وكويمبا او معالم مرحلة (1995)للشيخ عمر سيسيكو ، وشريط : العقد الاجتماعي ، وسنودي ، ونترونكلي للمخرج بوبكر سيديبي .. وسنة 1990 اخرج شريط بامونان الشيخ عمر سيسوكو سينمائي ورجل سياسة ولد في 21/12/1945 بسان (مالي ) تابع دراسته الإعدادية والثانوية بباماكو ، والجامعية بباريس حيث حصل على دبلوم الدراسات العليا في شعبة التاريخ وعلم الاجتماع الإفريقي وشهادة من المدرسة العليا لعلم الاجتماع ، في تاريخ و السينما وفي إطار التخصص السينمائي تابع دراسته السينمائية بالمدرسة الوطنية العليا لويس لوميير للسينما .. وبعودته لمالي يلتحق بالمركز الوطني للإنتاج السينمائي واخرج سنة 1984 شريط الجفاف والنزوح من القرى، وقبله 1983 شريط المكتبة الموسيقية القروية ، وفي سنة 1982 اخرج شريط المدرسة المالية ، وخلال الدورة الثالثة لملتقى السينما الإفريقية بخريبكة يقدم شريط نيامان طون / درس النفايات انه خليفة تسع سنوات يطرد من المدرسة لعدم قدرته على توفير مقعد خاص به بالمدرسة النظامية فوالدي خليفة ليس لهم القدرة على ذلك ، ورغم تمكنهما بصعوبة من ذلك طرح مشكل نقل الطاولة من والى المدرسة وبتوفير عربة لذلك صار لزاما على استثمارها في عمل أخر وهو جمع أزبال الحي .. الشريط رسالة احتجاج ولكن بكوميديا سوداء وهذا أول شريط روائي له بعدما قدم عددا من الأشرطة الوثائقي التعليمية المؤسساتية ،ليعود مجددا لخريبكة في الدورة(04/1990) بشريط فان زان ، وفي سنة 1995 يخرج كومبا / الطاغية وسنة 2000 يخرج شريط فاز ،وقد انشأ شركة إنتاج سينمائي وترأس حزب التضامن الإفريقي من اجل الديمقراطية والتحرر ، وتحمل مسؤولية وزير الثقافة ليغادر الحكومة بتقديم استقالته في 27/09/2007 .. المالي عبدلاي اسكوفاري متعدد المواهب ، فهو المنشط الإذاعي والشاعر وله ديوان شعر ، والمسرحي والسينمائي.. ولد في (20/04/1949) بمنطقة كاو المالية ، فمواهبه المتعدد صقلها بالدراسة والممارسة : بالإذاعة الوطنية قام بتنشيط برامج إذاعية إلى حدود سنة 1978 ، تابع دراسته الجامعية تخصص مسرح تم الدراسات في التخصص السينمائي بالمعهد العالي للسينما بموسكو حيث تخرج سنة1984 ، والتحق بالمركز الوطني للإنتاج السينمائي ببماكو سنة 1985 واخرج عدد من الأشرطة الوثائقية والروائية القصيرة تحت الطلب لصالح الدولة المالية ، وقام بالتدريس بالمعهد الوطني للفنون ببماكو (عاصمة مالي ) وسنة 1997 اخرج أول عمل روائي له تحت عنوان : فراو / بحر من الرمال المتوج بالدورة 7 / 2000 لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة بالجائزة الثالثة مناصفة مع الجزائر، الشريط يرصد حياة سيدة خلال يوم وليلة ، سيدة من عمق المجتمع ضمن عائلة مالية ثلاث عبد العزيز صالح