من الأفلام التي عرضت في الدورة 14 للمهرجان الوطني للفيلم بطنجة، فيلم"الطنجاوي" لمومن السميحي، وهو فيلم من الممكن إدراجه ضمن سيرته الذاتية، بجانب مجموعة من أعماله، خصوصا فيلم العايل الأخير، الذي عرض هو الآخر في مسابقة رسمية سابقة للمهرجان الوطني بطنجة. الفيلم إطلالة على أجواء طنجة العائلية والاجتماعية والسياسية والثقافية، من زاوية السارد لهذه الحدوثة. مجوعة من الشخوص المغربية والفرنسية، في أجواء تعليمية، تناقش العديد من التصورات والمفاهيم. ضمن هذه السياقات التي لا تخلو من حس مسرحي، يتساكن ويتقارب الشعري بالفلسفي بالسياسي بالديني. أجواء الستينيات، وما صاحبها من نقاشات ساخنة في مجالات معرفية متعددة، لا سيما وان المغرب في بداية خروجه من جرح الاستعمار الفرنسي، نحو البحث عن استقلال تام وغير مقتطع. في ظل هذه الأجواء نجد طرح مفاهيم متعددة وأسماء شعرية وفلسفية وفكرية تبدأ بامرئ القيس ومنذ العصر الجاهلي مرورا بالعديد من العصور والأسماء. من الممكن، أن نمسك بدرجة، معينة، من المفاهيم في هذا الفيلم، الذي لا يخلو من رؤية سردية، ذاتية، إذ الأب/الفقيه، هو الآخر عاشق للجمال والشعر، لكنه رافض وبالمطلق لأسئلة الابن سيدي محمد العربي، الذي طرح أسئلة تمس العمق الديني والإيماني للأب ولمجتمعه ككل. أسئلة لا تخلو من أبعاد فلسفية مادية، سرعان ما تتهاوى لدى الابن حينما، طلب من أبيه أن يدعو له بألا يتم توقيفه في المطار وهو المتوجه نحو الآخر من اجل متابعة دراسته العليا. فيلم، الطنجاوي،التصاق بالتربة والمكان والزمن المؤسس والشاهد على مجموعة من التحولات، الخاصة بمغرب هذه الفترة، حيث الاستعمار الفرنسي وعلى الرغم من خروجه المادي/الفيزيقي من المغرب، فمجموعة من الوقائع والشخوص والأفعال الثقافية واللغوية تعمق سؤال استمرارية الحضور في هذا البلد. من الممكن الإمساك أيضا ببعض التقنيات التصويرية المميزة لأفلام مومن السميحي خصوصا اللقطة الثابتة، في أفق الإمساك بالشخصية المصورة والكشف عن بعدها الوجداني. فإلى أي حد يمكن المرور من الرؤية الذاتية داخل الفيلم نحو بناء رؤية موضوعية إلى حد ما ممثلة لما كان يجري في مغرب هذه الفترة؟. أو ليس في عمق الذاتي، إرهاصات الموضوعي؟ أم الأمر يتعلق بالتباعد التام بين المكونين؟. الحبيب ناصري/ باحث مغربي