من منا لا يعرف فيلمي " البحث عن زوج امرأتي" و"للاحبي" ثنائية تركت بصمتها واضحة في سينمانا الوطنية، حلق بها المخرج المقتدر محمد عبد الرحمان التازي عاليا، حدد بها منهجا ليس من العسير اكتشاف مداخله الجمالية، ثنائية رسمت فيما مضى لوحة فنية انعكست مفرداتها الجمالية على حركية السينما المغربية آنذاك ، وصالحتها مع جمهورها الذي كان تواقا إلى أفلام تغوص به داخل تراثه وتنقل إليه أيقوناته بمكوناتها الإنسانية والشعبية. كل من تتبع مسيرة محمد عبد الرحمان التازي الفنية واطلع على أفلامه، سيكتشف ذلك التمازج الجميل بين الإرث الثقافي والتراث المعماري الشعبي، تمازج يرمي بك بين أحضان التاريخ والزمن الجميل، تستنشق عبقه وتطلق العنان لمخيلتك لتسبح في أجوائه. تجربة عبد الرحمان التازي لم تخرج عن الثابت في السينما المغربية، المجتمع وقضاياه، فاغلب إن لم نقل كل أفلامه تتناول هذه التيمة وتؤسس لها بناء علويا دراميا يتفاوت من شريط إلى آخر، عبد الرحمان التازي من المخرجين المخضرمين الذين تجاوبوا مع المتطلبات السينمائية في كل مرحلة من مراحل مسيرتها، ذاكرة تاريخية سينمائية متحركة، يعكس بيئتها بعمق، شهد بدايتها الأولى من خلال عمله ضمن طاقم فيلم "وشمة" الذي يعتبر بداية السينما الاحترافية بالمغرب. ولد المخرج محمد عبد الرحمان التازي سنة 1942 درس بمعهد الدراسات السينمائية الدولية بباريس، كما تلقى تدريبا في الاتصال بجامعة سيراكوس بنيويورك، اشتغل في ستينيات القرن الماضي بالمركز السينمائي المغربي كمصور. أسس عبد الرحمان التازي شركتين للانتاج، شركة سيكما- سنة 1970 بشراكة مع حميد بناني، وأحمد البوعناني، ومحمد السقاط - و شركة فنون وتقنيات سمعية بصرية ، كما شغل منصب مدير الإنتاج بالقناة الثانية المغربية سنة 2000. تبقى سينما محمد عبد الرحمان التازي متميزة بمقاطعها السردية المفهومة والواضحة، والتي تجلو الغموض الاجتماعي المعقد الذي نعيشه، وتفعل آليات التحكم بمتخيل المشاهد، محددة حدود وزمان التنقل والانتقال من مقطع إلى آخر، بل هناك من يعتبر هذه الأفلام امتدادا للذات المغربية باعتبارها هوية المجتمع وبطاقته الشخصية، امتداد يستخدم رؤية صاحبه للولوج إلى الفهم العميق والدقيق للضرورة الشعبية التي تحتمها الرغبة الجماهيرية سواء من خلال استبدال الواقع بالخيال والتخيل أو العكس. تعامل محمد عبد الرحمان التازي مع التاريخ المغربي من خلال فيلمه "جارات أبي موسى" سنة 2002 المقتبس من رواية أحمد توفيق والحاملة لنفس العنوان، رواية نقلتنا معها الى القرن 14 ، وقد تميز عبد الرحمان التازي في فيلمه هذا في بلورة رؤية مغايرة نسبيا لتجاربه الأخرى السابقة. فيلموغرافيا محمد عبد الرحمان التازي تتضمن حسب معلومات المركز السينمائي المغربي خمسة أفلام قصيرة:معامل السكر ببهت ( إخراج مشترك مع عبد الله الرميلي )،طرفاية أو مسيرة شاعر ( إخراج مشترك مع أحمد بناني )، ستة وإثنى عشر ( إخراج مشترك مع عبد المجيد ارشيش وأحمد البوعناني )، فنتازيا القرن،صورة مختطفة. وستة أفلام طويلة: أطباء الفلبين، إبن السبيل، باديس، البحث عن زوج امرأتي، للا حبي، جارات أبي موسى. محمد عبد الرحمان التازي من بين القلة القليلة من المخرجين المغاربة الذين ساهموا في انجاز أفلام ترسخت في الذاكرة المغربية، وستبقى الشاشة الفضية ببلادنا تحتفي بها دهرا من الزمن، تم تكريمه في العديد من الملتقيات والمهرجانات، حصل فيلمه " البحث عن زوج امرأتي " الذي انتج سنة 1993 على درع مهرجان بغداد السينمائي سنة 2005.. بقلم:زويريق فؤاد خاص بالفوانيس السينمائية