" أخطر مجرم " سلسلة اجتماعية وثائقية الإجرام في المتخيل الجماعي للمواطنين يبدو أن القناة الثانية تسعى بخطى حثيثة إلى ملامسة شكل من أشكال الفرجة التلفزية جريا على الطريقة الأمريكية أو الفرنسية في بعض أفلام الدراما/الوثائقية، ولصعوبة إنجاز مثل هاته المشاريع وعرضها على مستهلك لم يعهد ذلك إلا في فضائيات خارجية، فإن طريقة الاشتغال من خلال الكتابة السينارسيتية يجب بطبيعة الحال أن تكون محط حذر ، وأن تكون مختلفة عن طبيعة إنجاز الأفلام المستوردة أو الداخلة على بيوتنا عبر الفضائيات، على اعتبار الحساسيات والعادات والخصوصيات المختلفة... " أخطر المجرمين " هو عنوان سلسلة وثائقية اجتماعية جديدة ستبت على القناة الثانية آخر ثلاثاء من كل شهر بدءا من يناير 2011، بالدارجة المغربية مدته 52 دقيقة، وحسب ديباجة البلاغ الصحفي الذي صدر في الموضوع فإنه سيتم : "..استعادة مجموعة من الجرائم التي خلفت صدى كبيرا داخل المجتمع المغربي، كما ستلقي الضوء على مسارات ومصائر الجناة الذين استأثروا باهتمام الرأي العام والمتخيل الجماعي للمواطنين، موقعين بذلك أسماءهم للأبد ضمن سجلات تاريخ القضاء المغربي...." لكن السؤال الذي يطرح نفسه بحدة ؟ هل هاته السلسلة هي نسخة طبق الأصل لبرنامج " مداولة " الذي تعرضه القناة الأولى أو برنامج " وقائع " الذي كانت تبته القناة الثانية، وهل سيتم استحضار عنصر الجماليات الفنية التي يتطلبها الفعل التلفزي خصوصا وأن الأمر يتعلق بسلسلة وثائقية اجتماعية، يجيبنا نص البلاغ عن جانب من جوانب هاته الأسئلة المطروحة بأن من بين العوامل التي ساعدت على إنجاز وظهور هذا البرنامج إلى حيز الوجود هو مدى " التعاون الذي أبدته كل من الإدارة العامة للأمن الوطني والدرك الملكي ووزارة العدل والمسؤولين بالمحاكم، والذي شمل تسهيل الولوج للمعلومات والاطلاع على الأرشيفات واستجواب بعض الموظفين المعنيين عند الاقتضاء، فضلا عن مباشرة تصوير حلقات السلسلة بالعديد من الفضاءات التابعة للسلطات والهيآت الإدارية المذكورة ". وللإشارة فقد استهلت الجهة المنتجة مشروعها هذا بعرض ما قبل الأول حول شخصية " نينجا " الذي أربك سكان حي البرنوصي وعين السبع بالدارالبيضاء في الفترة مابين سنة 1991 و 1995، وبالرغم من جدية الموضوع وحساسيته، فإن هناك مجموعة من الإشارات الدقيقة التي يجب أن تؤخذ بعين المتفحص، إذ أن المعالجة القانونية لهاته الحلقة كانت في حاجة إلى روابط منصفة لكلا الطرفين المتهم والضحية سواء كان هذا الضحية شخصا طبيعيا أو معنويا أو منتميا إلى ما يسمى بالحق العام ، الأمر الذي وضعنا أمام مشاهد تشخيصية ليس إلا، بل حتى الشهادات المدلى بها لم تكن في مستوى ما هو مطلوب حيث كانت هاته الحلقة في حاجة إلى حضور بعض من أفراد عائلة وأقارب المتهم الذي أدين في الأخير بما ارتكب من جرائم، فيما القراءة التي تفضلت بها الطبيبة المختصة في علم النفس والإجرام لم ترق إلى تطلعات المتفرج الذي سينتظر في آخر كل حلقة حلا لمثل هاته المعضلات التي تنخر جهود مجتمع بأكمله، حيث كنا في حاجة إلى قراءة من مختص في يمزج في بحوثه بين مجموعة من العلوم المتقاطعة من علم الإجرام إلى علم النفس إلى علم الاجتماع إلى .... . من جهة أخرى وحسب تقديري الشخصي فإن من شأن مثل هذا الإنجاز الفني تكريس المفاهيم الجديدة للسلطة الرامية إلى انفتاح المؤسسات الدستورية على محيطها الإعلامي والاجتماعي...، فقط تبقى الإشارة إلى المعالجة الفنية التي تقتضي عدم نقل الواقع بحذافره، وإلا سنكون أمام ربورتاجات أو أفلام وثائقية خالصة ولو أن الوثائقي أصبح ذا خصوصية فنية وتقنية دقيقة، خصوصا وأن المتغيا من هذا الإنجاز من دون شك هو الفرجة أولا، وثانيا وهذا هو الأهم أخذ العبرة وتهذيب المجتمع وصقله وتنظيفه من تلك النماذج التي ستعرضها هاته السلسلة التي سيكون لنا فيها متابعة خلال عرض حلقاتها في الأيام المقبلة، وليس القصد منها وضع المشاهد في وضع المتأثر المقتبس لمشاهدها واعتبارها وصفات جاهزة وإعادة إنتاجها من جديد على قارعة المجتمع . حسن مجتهد ''الفوانيس السينمائية'' نرجو التفضل بذكر المصدر عند الاستفادة