لم يعد ضجر بعض المستخدمين من فيسبوك سراً في ظل إصرار الشركة الأمريكية خلال السنوات الأخيرة على تقديم الإعلانات والمكاسب المادية على حقوق المستخدمين وخصوصيتهم وحمايتهم من الأخبار الزائفة، وبينما تزداد الضغوط على فيسبوك لاحترام عملائها في ظل عدم وجود بدائل بنفس الكفاءة، يبزغ في الأفق نجم جديد عُرف بموضوعيته ومصداقيته، ويبدو أن الجمهور يلتف حول النجم الجديد.. WT: Social. في أكتوبر الماضي، أطلق جيمي ويلز، أحد مؤسسي ويكيبيديا، بهدوء، موقعاً جديداً لمنافسة فيسبوك وتويتر تحت اسم WT: Social، وقال ويلز لصحيفة فاينانشيال تايمز إن الشبكة الاجتماعية الجديدة لن تعتمد مطلقاً على الإعلانات ولن تبيع بيانات مستخدميها لطرف ثالث، وستركز بشكل واضح على مكافحة العناوين المضللة والأخبار الزائفة. ورغم مرور أيام قليلة على إطلاق الموقع، توضح بيانات WT: Social، التي اطلعت عليها "العين الإخبارية"، أن الموقع يمتلك حتى الآن أكثر من 250 ألف مستخدم "على قوائم الانتظار"، ما يشير إلى إقبال معقول جداً وإيمان من الجمهور بالجوهر النبيل لفكرة ويلز. ضد الإعلانات والأخبار المزيفة ويقول ويلز إن موقعه الجديد للتواصل الاجتماعي، سيسمح للمستخدمين بمشاركة روابط لمقالات ومناقشتها في موجز أخبار (news feed) مماثل لأسلوب فيسبوك، وستشمل موضوعات المقالات والأخبار معظم اهتمامات الجمهور من السياسة والتكنولوجيا إلى أسعار المعادن وتربية النحل! وبرغم كون الشركة الجديدة منفصلة تماماً عن ويكيبيديا، إلا أنها ستعتمد على نفس نموذج أعمال الموسوعة، عبر ما تسميه "الإرادة الاجتماعية" التي تقر التبرعات مورداً أساسياً للتمويل واستبعاد الإعلانات التي يرى ويلز أنها شجعت نمو سلوكيات سيئة في وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى، وساعدت على انتشار محتوى منخفض الجودة. وعلى فيسبوك وتويتر تم تصميم الخوارزميات لإبراز المحتويات التي تجمع أكبر قدر ممكن من التعليقات والإعجابات، في حين ستعتمد منصة WT: Social على إبراز المحتوى الأحدث أولاً، بغض النظر عن مدى شعبيته، فيما سيتمكن المستخدمون من التوصية بالقصص الجيدة عبر زر "تصويت إيجابي"، والإبلاغ عن العناوين المضللة. وتساعد هذه التركيبة، وفقاً لرؤية ويلز، على دحض الأخبار المزيفة والمضللة والموجهة التي تغزو الشبكات الاجتماعية مثل فيسبوك وتويتر وإعطاء الأولوية لجودة المعلومات والمحتوى. تكاليف الاشتراك مجانية والأولوية للمتبرعين حتى الآن لا يزال موقع ويكيتريبون يعمل تحت إدارة فريق صغير جداً من الموظفين والمطورين، لذلك تتيح الشركة إنشاء حساب للراغبين لكنه سيظل في قائمة الانتظار لحين توسع الشركة وإتاحة الفرصة له، للتمتع بمزايا الموقع مجاناً، كما تشجع المنصة المشتركين الجدد على إرسال دعوة لمعارفهم من أجل الاشتراك وبالتالي يتقدم ترتيبهم على قوائم الانتظار. وفي هذه الأثناء سيتاح للراغبين في التبرع دفع مبالغ محددة لتخطي قوائم الانتظار، وبحسب ما اطلعت عليه "العين الإخبارية" يتطلب الموقع اشتراكاً قيمته 12.9 دولار شهرياً أو 100 دولار سنوياً. ووفقاً لتصريحات مؤسس ويكيبيديا لفاينانشيال تايمز، فقد تبرع أكثر من 200 شخص لدعم الموقع حتى الآن، مشيراً إلى أن نجاح الاشتراكات في نيتفليكس وسبوتيفاي ونيوريورك تايمز، دليل على أن جيلاً جديداً من المستهلكين مستعدون للدفع مقابل محتوى "ذا معنى" عبر الإنترنت. ولن توفر تلك الاشتراكات ربحاً للشركة، وفقاً لويلز، لكنها على الأقل ستوفر مصدراً مستداماً للدخل. بداية واعدة في عدد المستخدمين.. لكن المقارنة مع فيسبوك "مستحيلة" ورغم جذب المنصة أكثر من 250 ألف مستخدم حتى الآن، إلا أنها لا تزال على مسافة بعيدة جداً من فيسبوك، التي تحتكم على أكثر من ملياري مستخدم حول العالم، لكن ويلز يقول إن طموحه ليس 50 أو 500 ألف مستخدم بل 50 أو حتى 500 مليون مستخدم. جدير بالذكر أن WT: Social هي موقع فرعي ل"ويكيتريبون" موقع الوسائط التعاونية الذي أطلقه ويلز قبل عامين بحملة تمويل جماعي في عام 2017 لكنه فشل آنذاك في جذب الكثير من الناس.