دعا الدكتور أحمد عبادي، الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، الى تمنيع الشباب والأطفال ضد خطابات الكراهية والمفاصلة، والتطرف، من خلال بناء "جهاز مناعاتي" لديهم مشكل من "مضادات حيوية" تقيهم من أفكار الغلو، والتطرف"، باعتماد مقاربات مختلفة، على رأسها "التثقيف بالنظير" التي أثبتت فعاليتها في نقل السلوكيات السليمة والايجابية". وشدد عبادي، الذي كان يتحدث زوال اليوم في لقاء نظمه "المركز الثقافي الصيني" بالرباط في موضوع " في تحقيق الطفرة، من الوقاية الى التمنيع في مجال محاربة الإرهاب: قراءة في التجربة المغربية"،على ضرورة تجديد الخطاب الديني لمواءمة قضايا العصر، والاشكاليات التي يطرحها الفهم السقيم للدين، وذلك بغية مواجهة من اجتالوا، واختطفوا الدين الإسلامي، من المتطرفين خدمة لأيديولوجياتهم، وأفكارهم". وفي هذا الصدد، اعتبر الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن "الضعف الذي أصاب الخطاب الديني، مرده الى ضعف التجديد والاجتهاد فيه، ما نتج عنه انعدام التأثير المرغوب فيه في نفوس الشباب"، داعيا العلماء و "القيادات" الدينية الى العمل المستدام على مستوى شبكات التواصل الاجتماعي "الانستغرام، التويتر، الفايسبوك" لإنتاج خطابات بديلة تلبي انتظارات الشباب والناشئة، وقمينة بصد وتفكيك خطابات الجماعات المتطرفة". وبعد أن استعرض ذات المتحدث، "الأحلام الأربعة" و "الجراحات التسعة"، التي تستند اليها الجماعات المارقة والمتطرفة لتسويق خطابها، أكد الدكتور عبادي أن نجاح التجربة المغربية في محاربة التطرف والإرهاب، يعود فيه الفضل لمؤسسة امارة المؤمنين بشرعيتها الدينية والدستورية، معتبرا إياها "سارية العماد" التي تشتغل تحت مظلتها باقي المؤسسات الدينية في تواشج وتكامل في إطار ما أسماها ب"هندسة سداسية للحقل الديني". الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، بسط أمام الحاضرين هندسة الحقل الديني بالمملكة، الذي يضم الى جانب مؤسسة الامامة العظمى، المجلس العلمي الأعلى، الذي يعنى بالفتيا والإرشاد، الى جانب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المشتغلة في جانب التدبير الإداري والحكامة، وجامع القرويين، مشتل تخريج العلماء، ومعهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، والرابطة المحمدية للعلماء. وفي هذا الإطار، قال الدكتور أحمد عبادي، ان "الرابطة المحمدية للعلماء تشتغل عبر مراكزها العلمية البحثية ال18، ووحداتها المتخصصة ال30 في مجال البحث والاستشراف، والنظر المستدام للعلوم الشرعية، الى أن أضحت المؤسسة تشكل اليوم"مركز تفكير" ينكب على تفكيك خطاب التطرف العنيف، و الاشتغال في مختلف العلوم الشرعية بنظر مستأنف لمختلف الإشكاليات المعاصرة وعلى رأسها التطرف والإرهاب". من جهة أخرى، أوضح الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أن "نجاعة المقاربة المغربية في محاربة التطرف العنيف والإرهاب، مرده الى ارتكازها على مقاربة أمنية بأبعاد حقوقية، ومقاربة تنموية من خلال اطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ثم مقاربة تجديد الحقل الديني تحت ريادة مولانا أمير المؤمنين، وهو ما مكن هذه التجربة المغربية من الانتقال من مستوى "الوقاية من التطرف العنيف والإرهاب" الى مستوى "تمنيع الناشئة والشباب" ضد هذه الخطابات، في وعي تام بمقتضيات السياق المعاصر، المتسم ب"المصفوفات الرقمية المعاصرة"، و اعتبارا لكون الدين له "بعد وظيفي في تحقيق السعادة للإنسان في العاجل والآجل"، يؤكد أحمد عبادي، الذي شدد على ضرورة التجديد في فهم الدين، والكف عن النظر اليه باعتباره "ميراثا جامدا". وقال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء ان برنامج "مصالحة"، الذي أطلقته المملكة المغربية، وكذا برنامج "دعم التسامح" في الوسط المدرسي بشراكة مع وزارة التربية الوطنية، قد مكنا من تمنيع الناشئة والشباب ضد خطابات التطرف العنيف، ومواكبة العائدين من بؤر التوثر، وتحفيزهم على الاستثمار، والعطاء والاندماج من جديد في وسطهم، عبر مصالحتهم مع النص الديني، ومع أنفسهم، ومع المجتمع، والبيئة المناخية الاستثمارية، حتى يتمكنوا من أن يصبحوا "قوة فعلية ناجعة" عوض النظر اليهم ك"أعضاء مسرطنة وجب بترها". الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، وهو يفكك خطاب التطرف العنيف، دعا الى ضرورة الكف عن النظر الى مجتمعاتنا ك"تكتلات"، بل يتيعن اعتبارها "مكونات" تتشكل من فئات اجتماعية مختلفة لها حاجياتها النفسية الوجدانية، مشددا في هذا الصدد على ضرورة بلورة مضامين رقمية متزنة، ودعائم سمعية بصرية من ألعاب فيديو، وقصص مصورة، حاملة لقيم بانية، والتوقف عن مخاطبة الشباب والأطفال على وجه الخصوص ب"الديماغوجية" والمحاضرات، وهو العمل الذي يحتاج على حد قوله، الى "كدح مستدام، وتقويص للظهور، من جانب الفلاسفة، القصاصون، الرسامون والمهندسون، والعلماء والباحثين الجامعيين".