غالبًا ما تعتبر وضعية المرأة مؤشراً جيدًا على صحة المجتمع وحالة النظام السياسي، وهو ما تعكسه وضعية المرأة المغربية التي تعرف حيوية ملحوظة في بلد تتقلد فيه النساء المزيد من المسؤوليات، في ظل مجتمع مهووس ولو نفاقا بالعذرية، حيث يتم استخدام حرية الأخلاق كذريعة لتصفية الحسابات السياسية. تعكس تهمة "الإجهاض غير القانوني"، الموجهة إلى الصحفية هاجر الريسوني، 28 عاماً، استمرار التشريعات القديمة واستخدام القانون القديم في بلد حديث. بعد اعتقال الصحفية الشابة، أعلن أزيد من 470 من النساء والرجال، من المواطنين المغاربة، عن تضامنهم مع هاجر الريسوني ومع الضحايا الآخرين الذين انتهكت حرياتهم الجنسية، مطالبين بإلغاء هذه القوانين. وأدان هؤلاء استمرار "ثقافة الكذب والنفاق الاجتماعي"، مؤكدين أن "المجتمع المغربي أصبح ناضجًا بما فيه الكفاية للتعامل مع مثل هذه القضايا، وأن كل فرد له حق التصرف في جسده"، في خطوة تعيد الى الأذهان "بيان 343" امرأة، في عام 1971، في لو نوفيل أوبسيرفاتور، أعلن فيه قيامهن بعمليات الاجهاض، بما يتعارض مع القانون الفرنسي في ذلك الوقت، وهوما أسهم في إلغاء تجريم الاجهاض، بعد عامين، بموجب القانون. في المغرب، تمت مقاضاة 14503 شخصًا في عام 2018 لممارسة الجنس خارج الزواج، كما يتم تنفيذ ما بين 600 و 800 عملية إجهاض يوميًا بشكل غير قانوني، وهو ما يبرز أن التشريع الجنائي يتناقض مع الواقع الذي يتسم بالتحرر الجنسي التدريجي، و ارتفاع الطموحات الفردية. فكيف يمكن معاقبة ممارسة الجنس خارج الزواج في بلد يصل فيه متوسط الزواج الأول إلى 29 سنة؟ فالعقاب لا يشجع سوى على النفاق ويغذي الانقطاعات غير القانونية للحمل ويعيق المعلومات عن الحياة الجنسية ووسائل منع الحمل، كما أن النداء الشجاع للمغاربة "الخارجين عن القانون" يأتي في الوقت المناسب للمطالبة بإنهاء "ثقافة الأكاذيب" ومراجعة القانون الذي يعاقب على الإجهاض والجنس خارج الزواج. دعوات يتعين تشجيعها ودعمها، كما ان الوقت حان الوقت للمغرب لكي يطبق على الحريات الفردية مبادئ الحداثة والليبرالية التي يستشهد بها من حيث البنية التحتية والتنمية الاقتصادية.