في قرار يعكس حجم التخبط الذي يعيشه النظام الجزائري، أعلن الجنرالات حالة "التعبئة العامة" بعد ورود تقارير عن دخول عناصر من ميليشيا "فاغنر" الروسية إلى جنوب البلاد، ما يُنذر بتصعيد خطير يُفاقم عزلة الجزائر ويُكرّس سياستها القائمة على الهروب إلى الأمام. وبدلًا من تبني نهج الحوار الإقليمي وتعزيز الاستقرار، يواصل النظام العسكري في الجزائر الاعتماد على لغة التهديد والتجييش، حتى وإن تعلق الأمر بتحركات غامضة لكيان مسلح مثير للجدل مثل "فاغنر"، المعروفة بتدخلاتها الدموية في عدة دول إفريقية. ويرى مراقبون أن إعلان التعبئة يعكس فقدان النظام لبوصلته السياسية والأمنية، في ظل تدهور الأوضاع الداخلية، وانسداد الأفق الاقتصادي، وتصاعد الاحتقان الشعبي. ويذهب البعض إلى القول إن السلطة الجزائرية تبحث في كل حدث خارجي عن "عدو خارجي" تختبئ وراءه لتبرير فشلها المتراكم. وتأتي هذه التطورات في وقت تعيش فيه الجزائر شبه عزلة إقليمية ودولية، وسط انتقادات واسعة لسلوكها العدائي تجاه عدد من الدول المجاورة، ومحاولاتها اليائسة لإظهار نفسها كقوة إقليمية رغم فشلها المتكرر في إدارة ملفات الداخل والخارج. تحركات "فاغنر"، سواء كانت واقعية أو مفتعلة، تحولت إلى ورقة جديدة في يد الجنرالات، الذين يسعون لإشغال الرأي العام وصرف الأنظار عن الأزمات التي تخنق المواطن الجزائري يوميًا، من غلاء المعيشة إلى قمع الحريات وتكميم الأصوات. في ظل هذا المشهد المتأزم، تتصاعد المخاوف من أن تتحول الجزائر إلى ساحة جديدة للنفوذ الأجنبي، في ظل غياب استراتيجية وطنية حقيقية تحمي سيادتها وتضع حداً لانزلاقات جنرالات لا يرون في السلطة إلا وسيلة للبقاء، مهما كانت الكلفة.