أصدر الديوان الملكي المغربي بلاغا حمل بين سطوره رسائل استراتيجية قوية، خصوصًا فيما يتعلق بالعلاقات المغربية-الموريتانية والتحديات التي تحاول أطراف معينة فرضها على المنطقة. البيان، الذي كان موجزًا ودقيقًا، سلط الضوء على مفهوم بسيط لكنه عميق في دلالاته: "بلدان جاران". هذه العبارة، رغم اختصارها، تحمل ثقلًا استراتيجيًا ومعرفيًا، إذ تؤكد بشكل مباشر أن المغرب وموريتانيا هما الدولتان الوحيدتان المتجاورتان في هذا الجزء من المنطقة، دون أي وجود لكيانات مصطنعة أو أدوار دخيلة تُحاول بعض الجهات فرضها. في هذا الإطار، يُعيد البلاغ ضبط بوصلة الواقع الجيوسياسي، ويفنّد المحاولات المستمرة لزرع أجندات تُنافي التاريخ والجغرافيا. البلاغ يُبرز رفضًا واضحًا لمحاولات بعض القوى الإقليمية إعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يخدم مصالحها. هذا المشروع الذي يسعى إلى خلق كيان مصطنع بين المغرب وموريتانيا يتجاهل الحقائق التاريخية والروابط العميقة التي تجمع البلدين، وهو ما يجعل من بلاغ الديوان الملكي بمثابة سد منيع أمام هذه المحاولات. العلاقات المغربية-الموريتانية ليست مجرد تقارب جغرافي، بل هي روابط متجذرة في التاريخ، قائمة على التفاعل الثقافي والاجتماعي والاقتصادي. وقد شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا مستمرًا عبر العقود، مع تعاون استراتيجي يُعزز الاستقرار في المنطقة. ومن هذا المنطلق، فإن أي محاولة لخلق كيان مزيف بين البلدين تُعد مساسًا مباشرًا بهذه الروابط التاريخية والواقعية. الجزائر، التي تحمل تاريخًا معقدًا، تُحاول إعادة إنتاج هذا النموذج عبر التدخل في الشؤون الإقليمية ومحاولة فرض نفوذها بطرق مختلفة. غير أن بيان الديوان الملكي يضع حدًا لهذه الأطماع، مُذكّرًا بأن الواقع أقوى من أي محاولة لإعادة رسم خريطة المنطقة بشكل مصطنع. إن بلاغ الديوان الملكي لم يكن مجرد كلمات عابرة، بل هو تأكيد على حقائق جغرافية وتاريخية لا يمكن تجاهلها. "بلدان جاران" ليست مجرد عبارة، بل رسالة للعالم بأن الاستقرار في المنطقة مبني على احترام التاريخ والحقائق الواقعية، بعيدًا عن المشاريع الوهمية التي تسعى إلى زعزعة التوازن الإقليمي.