تشهد الجزائر اليوم حالة من الترقب غير المسبوق، حيث تتزايد التساؤلات حول مستقبل النظام السياسي القائم ومدى قدرته على الاستمرار وسط التحديات المتصاعدة. ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، أصبح المشهد العام ينذر بتحولات محتملة قد تعيد رسم ملامح السلطة في البلاد. تعاني الجزائر من ضغوط اقتصادية متفاقمة بفعل تراجع عائدات النفط، المصدر الرئيسي للدخل القومي، ما أثر على مستوى المعيشة وأشعل حالة من السخط الشعبي. إلى جانب ذلك، باتت المؤسسة العسكرية، التي لطالما كانت العمود الفقري للنظام، تواجه تحديات داخلية تتمثل في صراعات النفوذ والانقسامات بين أجنحتها. ورغم محاولات النظام إظهار تماسكه من خلال قمع الاحتجاجات الشعبية وتمرير انتخابات يُنظر إليها على نطاق واسع بأنها تفتقر إلى الشفافية، إلا أن هذه الإجراءات لم تتمكن من تهدئة الشارع. بل على العكس، زادت من حدة الغضب وأضعفت شرعية الحكم في نظر فئات واسعة من المجتمع. يتساءل المراقبون: هل يمكن للنظام الحالي الصمود أمام هذه الضغوط، أم أن الجزائر على أعتاب مرحلة جديدة؟ يذهب البعض إلى أن الوضع الراهن قد يؤدي إما إلى تفاقم الاستبداد عبر مزيد من القمع والسيطرة، أو إلى انفتاح سياسي حقيقي يُفضي إلى تغيير جذري في شكل النظام. الجزائر ليست جديدة على لحظات التغيير الكبرى. من ثورة التحرير إلى الحراك الشعبي في 2019، أثبت الشعب الجزائري قدرته على فرض إرادته عندما تتوفر الظروف الملائمة. ومع ذلك، فإن ما يميز الوضع الحالي هو تعقيده وتشابك عوامله بين الاقتصاد والسياسة والأمن. يكمن التحدي الأكبر في استعادة الثقة بين الشعب والنظام السياسي. فالمطالب الشعبية التي نادى بها الحراك، وعلى رأسها بناء دولة مدنية ديمقراطية تُحترم فيها الحقوق والحريات، لا تزال قائمة. لكن الطريق إلى تحقيق هذه المطالب يبدو محفوفًا بالعقبات في ظل غياب الإرادة السياسية الحقيقية للتغيير. فهل ستشهد الجزائر لحظة التغيير المنتظرة، أم أن النظام سيظل متشبثًا بممارساته التقليدية في إدارة الأزمات؟ الإجابة قد تعتمد على قدرة الشعب على مواصلة الضغط، وكذلك على مدى استعداد الأطراف الفاعلة في النظام للقبول بحل سياسي شامل يُنهي سنوات الجمود. الأيام القادمة وحدها ستكشف عما إذا كانت الجزائر على أعتاب فصل جديد من تاريخها، أم أنها ستظل عالقة في دوامة الأزمات دون أفق واضح.