شهدت الغابون، يوم السبت، استفتاءً وطنيًا لتبني دستور جديد، في خطوة تُعد محورية بالنسبة للمرحلة الانتقالية التي يقودها الرئيس بريس كلوتير أوليغي نغويما، الذي وصل إلى السلطة في غشت 2023. وبينما تشير التقديرات إلى تأييد كبير للدستور الجديد، يبقى السؤال الأهم متعلقًا بنسب المشاركة ومدى تمثيلها للشعب الغابوني، وفق ما أفادت به مجلة جون أفريك الفرنسية. يأتي هذا الاستفتاء بعد أكثر من عام على الإطاحة بالرئيس السابق علي بونغو أونديمبا، الذي واجه اتهامات بالفساد وسوء الإدارة. الانقلاب، الذي نفذه جنود متمردون، وضع حدًا لحقبة بونغو التي استمرت لعقود، ليتم تنصيب بريس نغويما، قائد الحرس الجمهوري حينها، رئيسًا للجنة الانتقالية لقيادة البلاد. الدستور الجديد يقترح تغييرات جذرية تهدف إلى الحد من الحكم العائلي، وتعزيز صلاحيات البرلمان، فضلًا عن تضمينه بنودًا مثيرة للجدل مثل حظر المثلية الجنسية مدى الحياة. ومع ذلك، تبقى الشرعية الشعبية لهذا الدستور محل اختبار. بذلت السلطات الغابونية جهودًا مكثفة للترويج لتبني الدستور، حيث انتشرت حملات داعمة في كافة أنحاء البلاد للتأكيد على أهمية التعديلات. ركزت الحملة على قيم الوطنية والتقارب المجتمعي، وشهدت مشاركة واسعة من المتطوعين، حتى في ظل ظروف مناخية صعبة. في المقابل، واجه المعارضون صعوبات في الوصول إلى وسائل الإعلام، مما جعل أصواتهم محدودة. وعبّر بعضهم عن مخاوف بشأن تعديلات مثل مفهوم "الغابونيين من الأصل" والشروط الجديدة للترشح للانتخابات. من جهته، أشار المرشح الرئاسي السابق مايك جكتان إلى أن التصويت ب"نعم" لا يعكس بالضرورة موافقة على الإصلاحات، بل يُعد دعمًا للرئيس نغويما. رغم الجهود الرسمية، يبقى الإقبال على التصويت المؤشر الأبرز على نجاح الاستفتاء. ضعف المشاركة قد يُضعف مصداقية الإصلاحات، ويثير تساؤلات حول مدى قبول الشعب للتغييرات. في المقابل، نسبة مشاركة مرتفعة ستعزز من موقف نغويما وتؤكد دعم المواطنين لقيادته. الذاكرة السياسية في الغابون ما زالت تحمل أصداء استفتاء عام 1995، الذي شهد نسبة مشاركة بلغت 63.5٪، ودعمًا كاسحًا للإصلاحات بنسبة 96.5٪. السؤال المطروح الآن: هل سيتمكن نغويما من تحقيق نجاح مماثل، أم ستبقى شرعية الإصلاح موضع جدل؟ تحتاج مسودة الدستور إلى الحصول على أكثر من 50٪ من الأصوات ليتم إقرارها. وفي حال اعتمادها، ستكون الغابون على موعد مع مرحلة جديدة تحمل تغييرات سياسية واجتماعية عميقة، لكنها قد تواجه تحديات كبيرة إذا لم تحصل على دعم شعبي واسع. يبدو أن الغابون على مفترق طرق، حيث يمثل هذا الاستفتاء اختبارًا حقيقيًا لقيادة نغويما، وفرصة لإعادة تشكيل مستقبل البلاد. ومع ذلك، فإن الشفافية ومدى تمثيل النتائج للإرادة الشعبية سيبقيان محط أنظار الداخل والخارج.