التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف الثلاثاء الماضي في ندوة صحفية تعبّر ببساطة عن شعور جارف بخيبة الأمل والإحباط بل اليأس، الذي يعتري كيان الكابرانات من إمكانية تحقيق الغاية التاريخية التي عاش لأجلها هذا النظام، وهي تقسيم المغرب وتشتيت وحدته الترابية. ما ذكره الوزير الجزائري حول ما يعدّه استمرارا لقضية الصحراء في دواليب وأجهزة الأممالمتحدة مجرد محاولة لتبرير الفشل الذريع الذي حصدته بلاده على الرغم من المليارات التي أنفقتها على ترويج أطروحة الانفصال ودعمها بالغطاء السياسي والدبلوماسي والسلاح والحشد. ونحن نريد أن نذكّره ببعض الحقائق المناقضة تماما لما أورده. عندما قال عطاف أن قضية الصحراء مطروحة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ولجنة 24، وهي تحت إشراف أممي مع وجود هيئة تسمى المينورسو فإنه كان يحاول فقط طمأنة رؤسائه في نظام الكابرانات بعد كل الهزائم الدبلوماسية التي حصدوها في شتى الساحات. وهو خطاب موجّه للاستهلاك الداخلي عبر الإعلام الرسمي الذي لا يتابعه بالمناسبة المواطن الجزائري البسيط، بل يمثل بوقا دعائيا تتبادل من خلاله أجنحة النظام الرسائل والرسائل المضادة. ومن المتوقع أن يدافع عطّاف عن حصيلة الفشل في التوقيت الحالي بعد أيام قليلة فقط من إعلان النظام الجزائري عن تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة في شتنبر المقبل. ولعلّ هذا الحَنَق الذي أظهره الوزير في الندوة الصحافية يمثل محاولة يائسة للدفاع عن حصيلة الرئيس الحالي، الذي لا يمثل في الأصل سوى موظف صغير في نظام العسكر. وردّاً على الترّهات التي أدلى بها عطاف نريد أن نذكّره أن هذه الهيئات تتداول في ملف الصحراء المغربية منذ أكثر من عقود طويلة: فهل يقصد بالإنجاز الذي حقّقه استمرار الاجتماعات الروتينية التي تعقدها اللجان والمجالس الأممية دوريا وسنويا؟ نحن نؤكد بالملموس أن ملف الصحراء طُوي تماما بشروط المغرب، لأن الواقع يثبت أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، بينما تستقر عصابة الانفصاليين بأسلحتها وعدتها وعديدها وأعبائها داخل التراب الجزائري تحت رعايته ونفقته السخية. ربحنا نحن هنا صحراءنا وربح الجزائريون المساكين بن بطوش وعصابته. ملف الصحراء طُوي فعلا وحقا منذ أن التفّ المغاربة جميعا ملكا وحكومة وشعبا حول القضية الوطنية وخاضوا مسيرتهم الخضراء التاريخية للمّ الشمّل وربط الشمال بالجنوب. ماذا جنى نظامك يا عطّاف طوال عقود طويلة أنفق خلالها المليارات من أموال الشعب الجزائري؟ استمرت السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية التي تعيش اليوم مسيرة تنموية هائلة حوّلت حواضر العيون والداخلة على سبيل المثال إلى مدن عصرية ومنظمة لا يمكن أبدا أن تصل مدن الصحراء الجزائرية مثل حاسي مسعود وبشار الغنية بالموارد النفطية حتّى إلى عشر معشار ما حقّقته من عمران وبنيات تحتية وتطور. هذا هو الطيّ الحقيقي لملف الصحراء، نحن ندعو عطاف إلى زيارة المغرب والسفر إلى الأقاليم الجنوبية ليقارن بينها وبين تلك الجرائم العمرانية التي اقترفها نظامه في مناطق عديدة من الصحراء الجزائرية تصدّر خيرات لا حدود لها ولا تحصل مقابلها سوى على الغبار والعواصف الرملية. وكي يطمئن وزير الخارجية الذي اعترف بأن ردّ المغرب حول أزمة الإقامات الدبلوماسية المفتعلة مؤخرا كان لائقا وأنهى الملف، أن ملف الصحراء أيضا انتهى منذ زمن طويل. ومن الأدلة الدامغة على نهاية هذا الملف أن القوى الدولية الكبرى الوازنة وعلى رأسها الولاياتالمتحدة الأميركية اعترفت رسميا بالسيادة المغربية على الصحراء ولم يعد هناك أيّ مجال للتراجع عن هذا الاعتراف. كما أن قوى غربية وعربية ودولا إفريقية أخرى اعترفت إما صراحة أو ضمنيا بهذه السيادة، واتخذت قرارها السيادي بفتح تمثيليات دبلوماسية في الأقاليم الجنوبية. وفوق هذا وذاك، طيّ ملف الصحراء المغربية ليس بيد أيّ قوة أو هيئة خارجية مهما كانت قوتها أو نفوذها، وخيبة الأمل التي جناها النظام الجزائري على مدار عقود من العداء تّجاه المغرب وضد سيادته هي التي ستتواصل وتستمر في المستقبل. لأن هناك رجالا ونساء يقفون وراء هذه السيادة ويدعمونها بالغالي والنفيس، ولن يترددوا في تقديم أرواحهم فداء لآخر حبة رمل من رمال هذه الصحراء. ولعلّ عمليات "التبندير" التي تنفذها القوات المسلحة الملكية من حين لآخر في تخوم حدود الصحراء المغربية أكبر دليل على ذلك. لذلك نقول لوزير خارجية الكابرانات: ملف الصحراء انتهى رغم نهيق الناهقين وصراخ المتألمين يا عطّاف.