من الواضح أن طلب المغرب الانضمام إلى مجموعة بريكس التي تضم دول: روسياوالهند والبرازيل والصين وجنوب إفريقيا يؤخذ على محمل الجد داخل هذا التكتل. إعلان وزير الخارجية الجنوبي إفريقي عن الطلب الرسمي للمغرب إشارة واضحة إلى أن هناك احتفاء بهذا الطلب في أوساط الدول المشكلة للتحالف، والتي تجمعها بالمغرب بالمناسبة علاقات متميزة. هذه البلدان الباحثة عن تشكيل جبهة مضادة في مواجهة تكتل القوى الغربية على الخصوص تريد أن تفتح هذا التكتل في وجه دول أخرى صاعدة لكنها تمتلك بعض المقومات التي يمكن أن تقدم الإضافة الفعلية إلى هذا التجمع. صحيح أنها تشترط ناتجا إجماليا متوسطا وقدرات اقتصادية معينة، لكن شروطها تراهن في الغالب على آفاق مستقبلية أكثر من مراهنتها الأرقام الحالية. مجموعة بريكس تبحث عن أعضاء لديهم ظروف نمو هائلة في المستقبل ويتوفرون على موقع جغرافي متميز زيادة على مكانة دبلوماسية وشبكة علاقات واسعة. هذه الشروط يمثلها المغرب تمثيلا كاملا خاصة على مستوى منطقة شمال وغرب إفريقيا. وبالنظر إلى الأهمية التي توليها دول بريكس إلى القارة السمراء باعتبارها مستقبل النمو الاقتصادي والديمغرافي العالمي، وخزانه الأساسي من المواد الأولية الاستراتيجية فإن احتضان شريك مثل المغرب ضمن قائمة الدول الأعضاء أمر مرحبّ به تماما بمنطق السياسة والمنفعة والبعد الجيواستراتيجي أيضاً. المغرب يمثل بالنسبة لدول بريكس منصة مهمة لاقتحام الجزء الغربي من القارة الإفريقية، بحكم العلاقات الممتدة بين المغرب ودول المنطقة، والاتفاقيات الثنائية التي تربطه بها، والعلاقات الروحية والسياسية التي ضمنت لبلادنا حضورا وازنا فيها. لكن ورقة الموقع الجغرافي والعلاقة المتميزة مع القارة السمراء ليست وحدها الميزة التي يمكن أن تربحها مجموعة بريكس من ضم المغرب. هناك ورقة لا تقل أهمية هي ورقة مستقبل الزراعة العالمي. الهند من بين الزبائن الرئيسيين للمكتب الشريف للفوسفاط، الذي يعد أكبر مؤسسة منتجة ومصدرة لهذه المادة الحيوية في العالم. إنها حيوية لأنها أساس الأسمدة التي تستخدم في ميدان الزراعة لضمان الأمن الغذائي، الذي شهد منذ بداية جائحة كوفيد 19 حالة من عدم الاستقرار. قد يقول قائل إن المغرب لا يملك بترولا ولا غازا طبيعيا تطمع فيه دول بريكس، لكن من المعروف أن هذه المواد الطاقية على الرغم من أهميتها الاستراتيجية إلا أنها متوفرة بكثرة لدى منتجين كثر في العالم. دول الخليج العربي وإيران وفنزويلا من بين أكبر المنتجين في العالم، ومصادر التزود متنوعة ومتاحة. لكن مادة الفوسفاط ليست بالوفرة نفسها في العالم، والمنتجون الكبار قليلون والمغرب أكبرهم. ولهذا ستكون له كلمته في مستقبل الزراعة العالمية. هذا هو الرصيد الأساسي الذي يمكن أن يسهم به المغرب في هذا التكتل. لن يقدم شيكات على بياض ولا صكوكا بمليار دولار ونصف، ولا أيّ مساهمات مالية مباشرة في بنك بريكس. لأن هذا التكتل يريد أيضا أعضاء سيقدمون الإضافة الضرورية على صعيد المنافسة في الأسواق العالمية في مجالات مختلفة، لا سيما منها الصناعية. وفي هذا الإطار تبدو ريادة المغرب على مستوى صناعة السيارات واحدة من نقاط القوة التي من المؤكد أن مجموعة بريكس يمكن أن تستفيد منها على نطاق واسع. الصين مثلا التي تبحث عن أسواق جديدة لترحيل الكثير من الخدمات والمصانع لن تجد أفضل من المغرب المهيّئ بشريا وبنيويا وتشريعيا وماليا لاستقبالها والشروع في إنتاج الحاجيات اللازمة لهذا السوق في أقرب وقت ممكن. ولنكن واضحين بهذا الخصوص مستقبل الصناعة الصينية سيكون في منطقة الشرق المغربي على مقربة من ميناء الناظور المتوسطي الضخم الذي شارفت أشغاله على الانتهاء. وبعد سنوات قليلة فقط سيرى الجميع كيف تتحول هذه المنطقة إلى نموذج ناجح شبيه بنموذج طنجة بفضل الاستثمارات الصينية الهائلة.