مع انطلاق إعادة هيكلة الحقل الديني في المملكة عقب الأحداث الإرهابية التي هزت الدارالبيضاء، تمت هيكلة عدد من المؤسسات الدينية، وتحيين اختصاصاتها مع ما تستوجبه رهانات المرحلة، علاوة على إنشاء أخرى. وتتوزع هذه المؤسسات كما سنرى، بين المنوط بها مهمة الإفتاء، وترشيد المواطنين في أمورهم الدينية، وبين التي يتمثل دورها في التدبير الإداري. إلى جانب ذلك تعمل أخرى في الجانب المتصل بتكوين العلماء، وتأهيلهم، وتنشيط البحث الأكاديمي في العلوم الإسلامية. والملاحظ أن مصطلح "التجربة المغربية في تدبير المجال الديني"، غالبا ما يرتبط بهذه المؤسسات الدينية، التي وان كانت مهامها واختصاصاتها تختلف من مؤسسة إلى أخرى، إلا أنها تصب في منبع واحد، تحت مظلة مؤسسة إمارة المؤمنين. وسنحاول من خلال هذه السلسلة الرمضانية، تقديم خريطة المؤسسات الفاعلة في الحقل الديني في المملكة، واختصاصاتها وهيكلتها، وكذا بعض الانتقادات التي توجها اليها، على أمل أن تتوضح هذه "الخريطة" في أذهان القراء وعامة المواطنين. توقفنا في الحلقات الماضية مع مؤسسات فاعلة في الحقل الديني، وهي وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية، المجلس العلمي الأعلى، المجالس العلمية المحلية، الرابطة المحمدية للعلماء، دار الحديث الحسنية، معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، معهد محمد السادس للقراءات والدراسات القرآنية، مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب. في هذه الحلقة سنسلط الضوء على إحدى المؤسسات الفاعلة في معادلة تدبير المجال الديني في المملكة، من الجانب التاريخي، وهي مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف. مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف أسست مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف من طرف الملك محمد السادس أمير المؤمنين سنة 2010. وهي لا تسعى إلى الحصول على الربح وتتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي؛ تم وضعها تحت وصاية وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. وجعل مقرها بمدينة المحمدية؛ كما نص على ذلك الظهير الشريف 1.09.198 الصادر في 8 ربيع الأول 1431 (23 فبراير 2010) والذي اعتبر المؤسسة هيئة وطنية مرجعية عليا في مجال الإعداد العلمي والمادي والفني لنسخ المصحف الشريف ونشره، وتسجيله عن طريق مختلف الدعائم المتعددة الوسائط. يدير المؤسسة السيد حميد حماني. وللغايات السابقة تتولى مؤسسة محمد السادس لنشر المصحف الشريف القيام بالمهام التالية: -القيام، بأمر من جلالتنا الشريفة (أمير المؤمنين جلالة الملك)، بإعادة نسخ المصحف الشريف برواية ورش عن نافع وفق القواعد المعتمدة في علوم الرسم والوقف والضبط والقراءات. -الإشراف على طبع المصحف الشريف، والعمل على نشره وتوزيعه. -الإشراف على تسجيل تلاوة المصحف الشريف ولاسيما برواية ورش عن نافع عن طريق استعمال مختلف أنواع الدعائم المتعددة الوسائط. -الترخيص للأشخاص الذاتيين والاعتباريين الراغبين في طبع المصحف الشريف أو في توزيعه. -القيام بأعمال المراقبة والتدقيق للنسخ المطبوعة أو المسجلة من المصحف الشريف، لضمان سلامتها من الأخطاء، وللتأكد من حصولها على الترخيص المشار إليه في البند 4 أعلاه، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحجزها ومنعها من التداول عند الاقتضاء، علاوة على حفظ حق المؤسسة في اتخاذ الإجراءات القضائية اللازمة تطبيقا للقوانين الحالي، بها العمل. -إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والهيئات العامة والخاصة على الصعيدين الوطني والدولي قصد مساعدة المؤسسة على تحقيق أهدافها. وأعلنت المؤسسة أنها قامت بمجموعة من الأنشطة خلال سنة 2018، منها طبع ما مجموعه 909 ألف نسخة من المصحف المحمدي الشريف من مختلف الأحجام. واستأثر مصحف المساجد حجم (24 /17) بحصة كبرى من عملية الطبع برسم سنة 2018، ببلوغه 850 ألف نسخة، فضلا عن طبع 50 ألف نسخة من المصحف المفرق حجم (20 /27). علاوة على ذلك، تم أيضا طبع 3 آلاف نسخة من مصحف الهدايا حجم (20/27)، وألف نسخة من سورة يس، و5 آلاف نسخة من المصحف الفاخر حجم (29 / 39).