أعلنت بوركينا فاسو إنهاء الاتفاق الذي يتيح للقوات الفرنسية قتال المسلحين في البلاد، وذلك بسبب رغبة السلطات في أن تتولى بوركينا فاسو مسؤولية الدفاع عن نفسها، فيما طلبت باريس توضيح القرار. وفي الوقت الذي ينتظر فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الحصول على توضيحات من الرئيس الانتقالي لبوركينا فاسو إبراهيم تراوري بشأن القرار، يشير عدد من المتتبعين أنه قد يكون من المبكر التأكيد على نهاية النفوذ الفرنسي في القارة الإفريقية، غير أن من الأكيد أن ما يجري في بوركينا فاسو، سيلفت نظر أنظمة حكم في دول أفريقية عديدة إلى أن إمكانية بناء علاقات استراتيجية مع قوى دولية أخرى غير فرنسا. الحضور الفرنسي، تاريخيا وحسب مجموعة من المحللين كان حاضرا و مهيمنا بشكل كبير على عدة دول من القارة الأفريقية، إذ كان القرار السياسي لهذه الدول مرتبطا بخيارات المركز في باريس، غير أنه في السنوات الأخيرة وخاصة خلال حكم الرئيس إيمانويل ماكرون شهدت فرنسا تغييرات جدرية أو ما يمكن اعتبارها بداية الانهيار الفعلي لنفوذ الدولة الاستعمارية السابقة، كما أن ما يجرى في بوركينا فاسو من تحولات متسارعة هو النموذج الأكثر وضوحا الآن لهذا التراجع الفرنسي. ويأتي صعود إبراهيم تراوري للسلطة وسط تصاعد الحلم الروسي بنفوذ قوي في المنطقة الإفريقية بعد أن أحكمت قبضتها على جزء مهم من منافذ السلطة في مالي، وزودت جيشها بالعتاد والأسلحة. وقد مكن هذا الوضع الجديد، القادة الشباب من التمسك أكثر بسلطتهم التي انتزعوها من الرئيس الأسبق بالعنف والقوة. و الحقيقة الواضحة أن الانقلابيون الجدد، لم يخفوا توجههم نحو القبلة الروسية التي أشاروا إليها ضمن العلاقات الدولية التي يسعون لتعزيزها،في الوقت الذي بدأت قوة فرنسا تتلاشى وتقترب من نهايتها خاصة وأنها في مرمى نيران مناصري هذا الانقلاب المتسارع الأحداث ببوركينا فاسو. وباقتراب روسيا من منافذ السلطة في منطقة الساحل، يتقلص جزء من النفوذ الفرنسي، ويطوى جانب من بسط فرنسا قوتها و سطوتها التي ضربت افريقيا وخصوصا بوركينا فاسو لأكثر من قرن من الزمن. وتجدر الإشارة إلى أن خسارة فرنسا لا تعود فحسب إلى مواقف الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو، بقدر ما تعود لخسارة فرنسا للرأي العام، في الدول الأفريقية عموما، التي تنظر إليها كقوى استعمارية استغلالية تفقيرية لعدد من البلدان الإفريقية التي تزخر بثروات ومعادن لا يستفيد منها سكانها الذين يعيشون الفقر والمجاعة والحروب والأوبئة. وبالتالي أصبحت الهوة عميقة بين الأفارقة والسياسات الرسمية الفرنسية التي خبروها عقودا طويلة، حيث تجاهلت فرنسا الرسمية توجهات الرأي العام والتقارب مع الشعوب، وركزت على توطيد حكم أنظمة دكتاتورية موالية لها. يشار أن التلفزيون الوطني في الدولة الواقعة في غرب إفريقيا قد ذكر يوم السبت الماضي أن الحكومة في بوكينا فاسو، علقت الاتفاق العسكري المبرم عام 2018 مع فرنسا، لكنها لا تزال تريد الحصول على دعم في شكل عتاد. وأضاف التلفزيون أن فرنسا أمامها شهر لسحب قواتها. وأكد المتحدث باسم حكومة بوركينا فاسو عبر التلفزيون الوطني: «في المرحلة الحالية، لا نعرف كيف يمكن أن نكون أكثر وضوحاً مما ذكرناه» وأَضاف"نحن ننهي الاتفاق الذي يسمح للقوات الفرنسية بالوجود في بوركينا فاسو، هذه ليست نهاية العلاقات الدبلوماسية بين بوركينا فاسو وفرنسا". وطلبت بوركينا فاسو من فرنسا رسميا،الأحد الماضي، سحب قواتها من البلاد في غضون شهر بحسب رسالة من السلطات في واغادوغو إلى باريس. وحسب صحيفة "واشنطن بوست" فقد "تنامت المشاعر المعادية للفرنسيين في بوركينا فاسو، المستعمرة الفرنسية السابقة، منذ استيلاء تراوري على السلطة ، حيث كان تراوري أكثر انفتاحا بشكل علني على العمل مع دول أخرى، ولا سيما روسيا". يذكر أن المتظاهرين نزلوا إلى شوارع واغادوغو هذا الشهر للمطالبة بإغلاق قاعدة عسكرية فرنسية شمال العاصمة، خاصة وأن فرنسا لديها نحو 400 جندي من القوات الخاصة في بوركينا فاسو.