ردا على بعض الجهات المعادلة لمصالح المغرب، التي تحاول الصيد في المياه العكر، للنيل من سمعة المملكة، وشراكاتها الاستراتيجية مع بعض البلدان الأوربية، بادعاء قيام المغرب بتحركات للتأثير على القرارات الأوروبية، لاسيما داخل البرلمان الأوروبي، بخصوص القضايا التي تهم المملكة المغربية، من قبيل الصحراء المغربية والاتفاقيات التجارية وحقوق الإنسان، ينبغي التأكيد أن المغرب دأب مثل جميع البلدان، على الدفاع عن مصالحه في إطار علاقاته مع مختلف شركائه الأجانب. ان الاتحاد الأوروبي يعتبر المغرب شريكاً استراتيجياً، حيث عمل الجانبان، لأكثر من نصف قرن، على تطوير علاقة متميزة ومثالية في مختلف المجالات، من خلال إشراك جميع المؤسسات الأوروبية، لذلك حققت الشراكة المغربية-الأوروبية، عددا من المنجزات في مجالات الصيد البحري الفلاحة. على مستوى الآليات القانونية، يرتبط المغرب والاتحاد الأوربي باتفاقية الشراكة واتفاقيات وبروتوكولات الصيد البحري والاتفاقية الفلاحية والتطورات الناتجة عنها واتفاق النقل الجوي واتفاقية البحث العلمي واتفاقية الانضمام إلى برنامج غاليليو. وعلى مستوى الوثائق السياسية والاستراتيجية، يرتبط المغرب والاتحاد الأوربي، بوثيقة مشتركة حول الوضع المتقدم (2008) والإعلانات المشتركة لقمة (2010) والاجتماع ال14 لمجلس الشراكة الأوروبيّة المغربيّة (2019) وخطط العمل لتنفيذ سياسة الجوار الأوروبية والوضع المتقدم والشراكة في مجال التنقل (2013) والشراكة الخضراء (2022). من جانبه، يعتبر الجانب الأوروبي هذه العلاقة اليوم نموذجًا لنجاح السياسة الأوروبية للجوار الجنوبي، كما ورد في التصريحات التي أدلى بها الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، ونائب رئيس المفوضية الأوروبية، السيد جوزيب بوريل بداية الشهر الجاري خلال زيارته للمغرب. كما تجدر الاشارة في هذا السياق، الى أن الجهات الفاعلة في المغرب وكذلك داخل الاتحاد الأوربي، تسهم بشكل فعال و مثمر في بناء هذه الشراكة المتميزة، بالاعتماد على الهياكل التي أنشأها الطرفان واستنادا إلى المبادئ والقيم المشتركة. (الثقة والشفافية والاحترام المتبادل وما إلى ذلك). لذلك، فلا عجب أن نرى بأن كل المنجزات التي تحققت في اطار الشراكة المغربية الأوربية، أصبحت تشكل مصدر إزعاج حقيقي لبعض الأطراف المعادلة لمصالح المغرب الحيوية، حيث تثير ردود أفعال ومناورات غير مبررة وغير مفهومة. ويبقى الهدف من وراء هذه المناورات الدنيئة والخسيسة لهذه الجهات، هو إبطاء الدينامية الإيجابية التي تشهدها الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، فهذه ليست أول مرة تتعرض فيها المملكة وشراكتها مع الاتحاد الأوروبي لهجمات تهدف إلى إضعافها وتشويه سمعة المملكة داخل البرلمان الأوروبي. جدير بالذكر أن البرلمان الأوروبي تطرق إلى المغرب من خلال: 112 سؤالاً برلمانياً منذ بداية الدورة التشريعية الجارية، و18 مشروع تعديل خلال سنة 2022 وحدها، و4 مشاريع قرارات سنة 2022 بما في ذلك قرار واحد تم اعتماده سنة 2021 (الحدث المتعلق بمدينة سبتة المغربية)، بالإضافة إلى محاولتين لترشيح أشخاص لا علاقة لهم بحقوق الإنسان لجائزة ساخاروف، حيث تم إلغاء 3 قرارات سنة 2022 بالنسبة لقضية المسمى عمر الراضي وحرية الصحافة. والمثير للتقزز هو أن جهات معادلة لمصالح المغرب، أصبحت تستغل أطراف داخل البرلمان الأوربي، لخدمة أجندتها المشبوهة والخفية، في سياق هجمات إعلامية، لمحاولة إشراك البرلمان الأوروبي في مناورات معادية للمغرب، عبر مشاريع قرارات وتعديلات مقترحة. والمغرب اليوم الذي اختار خيار الندية والصرامة للدفاع عن مصالحه الحيوية الخارجية، وعلى رأسها وحدته الترابية، لم ولن يقبل تلقي الدروس من أحد، كيفما كان، ولن يقبل أن يتم ابتزازه عن طريق شن هذه الحملات الإعلامية السياسية البغيضة وغير المبررة، من جهة، واعتماد تدابير وقرارات عدائية من قبل البرلمان الأوروبي، من جهة أخرى. كما ان المغرب، الذي لطالما دعا إلى العمل في إطار المؤسسات التي أنشأها مع الاتحاد الأوربي، بما في ذلك داخل البرلمان الأوروبي، قد أصر مرارًا وتكرارا على تعزيز دور اللجنة البرلمانية المشتركة، لتجنب تدخل الأطراف ذات النوايا السيئة في الأمور المتعلقة بالعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي، كما أنه خلال هذه الولاية التشريعية، استغرقت اللجنة البرلمانية المشتركة وقتًا طويلاً لبدء أشغالها، وذلك نتيجة مماطلة الجانب الأوروبي، وهي الآن جاهزة لمعاجلة جميع القضايا المتعلقة بالمغرب وشراكته مع الاتحاد الأوروبي. ويعتبر المغرب، اليوم الذي ينظر الى شراكته مع الاتحاد الأوربي، بعين الحكمة و المصالح المشتركة التي تخدم القضايا ذات الاهتمام المشترك، أن تعزيز قواعد الشفافية داخل البرلمان الأوروبي هو أمر مفيد وبالغ الأهمية لتجنب بعض التجاوزات، مثل تشكيل مجموعة برلمانية حول "الصحراء الغربية"- من طرف البوليساريو والجزائر- وكذا المضايقات الصارخة وغير المبررة لبعض أعضاء البرلمان الأوروبي تجاه المغرب دون أي تدخل من قبل البرلمان الأوروبي، ناهيك عن محاولة استهداف المملكة من بوابة "حرية الصحفيين"، و محاولة تشهير ورقة الصحفي "عمر الراضي"، الذي حسم القضاء المغربي في قضيته، للنيل من المملكة المغربية ومن ترسانتها القانونية المتقدمة في مجال حقوق الانسان، ومسارها المتميز في العدالة الانتقالية والبناء التنموي.