أطفال القمر، أصدقاء الليل أو مرضى جفاف الجلد المصطبغ، هم أطفال يعانون من مرض جلدي نادر، وغالبا ما يكون ناتجا عن العوامل الوراثية، أو بفعل زواج الأقارب، وهو الأمر الذي يكون سببا في حرمان هؤلاء الأشخاص من مزاولة الحياة اليومية بشكل عادي، خصوصا وأنهم لا يتحملون أشعة الشمس الحارقة ومن ثم فإنهم يؤجلون جميع أنشطتهم اليومية إلى الليل، ما يحتم عليهم الانقطاع عن الدراسة، كأول تضحية نحو حياة مستقرة خالية ولو بشكل نسبي من الانعكاسات السلبية. موقع "الدار" يقربكم من الموضوع. يعتبر مرض جفاف الجلد المصطبغ، من الأمراض النادرة والتي تكون غالبا بمثابة نتاج فعلي لنقص حمض نووي ونقص الأكسيجين، الذي يتميز بالقدرة على معالجة الطفرات الناتجة عن اختراق الأشعة فوق البنفسجية للجلد، وتكمن خطورة هذا المرض في إمكانية الإصابة بالسرطان بسهولة كبيرة.
المريض بين خيارين…الحياة أو الموت
من الأسباب التي تزيد من خطورة المرض، نجد غياب العلاج لتظل الوقاية من تفاقم الوضعية الصحية للمريض الطريقة الأنجع والكفيلة بتجنب الانعكاسات السلبية الناتجة عن هذا المرض النادر، غير أن الأمر هو الذي يصبح سببا كافيا يعيق حياة المريض ويضعه أمام خيارين إما المغامرة بسلامته الصحية ومزاولة الأنشطة اليومية بشكل عادي، أو الخيار الثاني الذي يحتم عليه اختيار الحفاظ على السلامة الصحية غير أنه أمر يكلف غاليا خصوصا وأنه يجبر المرضى على التنازل عن مجموعة من الخطوات التي يمكن أن يقوم بها الفرد في الحياة، من قبيل متابعة الدراسة، كما يدفعه إلى أن يصبح أنيسا لليل. فقط.
الغزاوي…حالة تأبى الاستسلام للمرض
فاطمة الزهراء غزاوي البالغة من العمر 26 سنة، والتي تنحدر من مدينة المحمدية، تحكي لميكروفون "الدرا"، أنها تعد واحدة من الفتيات اللواتي يعانين من هذا المرض النادر، والذي اضطرها للتخلي عن مسارها الدراسي، غير أنها أبت التنازل عن أحلامها، بعدما أصبحت رئيسة جمعية لحماية وتوعية الأطفال الذين يحملون هذا المرض فضلا عن كونها أصبحت فاعلة ناجحة على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي، لأنها تحرص على إطلاع متابعيها بأدق التفاصيل اليومية التي تقوم بها في حياتها الخاصة، في خطوة هادفة إلى توعية المرضى بأن هذا المرض بالرغم من كونه مزمنا، إلا أنهم بوسعهم التعايش معه، شرط اتخاذ الإجراءات اللازمة التي يتم اعتمادها في أفق تجاوز الانعكاسات السلبية التي تترتب عليه.
فاطمة الزهراء…"23 سنة من المعاناة والرحلة مستمرة"
تقول فاطمة الزهراء أنها أصيبت بهذا المرض حينما كانت تبلغ من العمر سنتين، وهو الأمر الذي بدأ بظهور مجموعة من العلامات الأولية، من قبيل الاحمرار على الجلد لتعلم الأسرة بعد إجراء الفحوصات الطبية أن الابنة تعاني مرضا مزمنا، هو جفاف الجلد، الأمر الذي جعل فاطمة الزهراء تعاني الأمرين على حد تعبيرها، "فقد عشت 23 سنة من المعاناة، غير أن هذا الأمر لا يقف حائلا دون تحقيق أحلامي وطموحاتي في الحياة" تقول الفتاة لموقع "الدار". وتضيف فاطمة الزهراء، إن معرفة أسرتها خبر إصابتها بهذا المرض كانت بمثابة الصدمة التي حلت على العائلة مثل الصاعقة، خصوصا وأن المرض يجبر المصاب على الجلوس في البيت، ويجعله صديقا لليل، كون التعرض لأشعة الشمس يكون سببا في الإصابة بالحروق التي تتفاوت درجاتها، والتي يصبح من الصعب إن لم نقل المستحيل معالجتها، خصوصا وأن المصاب بهذا المرض النادر لا يتمتع بالمناعة الكافية التي بوسعها مساعدته على تجاوز الإشكالية.
الدراسة أو السلامة الصحية… التحدي الأكبر
وأوضحت فاطمة الزهراء، أن أصعب قرار وجدت نفسها مضطرة إلى اتخاذه هو الخروج من المدرسة، والانقطاع عن مسارها الدراسي وهي في المرحلة الابتدائية حينما كانت تبلغ من العمر 14 سنة، الأمر الذي كان سببا مباشرا في تعرضها لمجموعة من الاضطرابات النفسية، خصوصا وأنها كانت مصرة على متابعة الدراسة، في أفق تحقيق الأهداف التي تطمح إلى بلوغها غير أن الانعكاسات السلبية، المتمثلة في تفاقم الاضطرابات الجلدية هو الذي أجبرها على اتخاذ هذا القرار بمباركة من أسرتها حفاظا على سلامتها الصحية. غير أن المثير في قصة هذه الشابة، هو الشحنة الكبيرة من الأمل، والطاقة الإيجابية التي تتسلح بها كونها لم تتوقف عن تلقي الدروس عبر تطبيقات الإنترنيت، ومن ثم تمكنت من تطوير مكتسباتها في مختلف الميادين بعدما تمكنت من استجماع معرفة موسوعية وشاملة مكنتها من تدارك الموقف، بل أكثر من ذلك فقد أنشأت قناة على موقع يوتيوبب إضافة إلى صفحة على الفيسبوك، واعتمدتها كوسائل توعوية تنشر من خلالها كل ما يتعلق بالمعلومات التي تصب في اتجاه تحقيق السلامة الصحية لحاملي هذا المرض. أكثر من ذلك فإن مقاطع الفيديو التي تقوم بتصويرها لا تقتصر على الجانب الشخصي فحسب إنما تشمل توعية المجتمع بهذا المرض، حتى يتمكنوا من اكتساب المعارف الأولية حول المرض قيد الحديث، غير أن هذا الأمر وعلى حد تعبيرها لا يمنع من وجود مجموعة من الأشخاص الذين لا يقبلون التواصل معها ومع باقي المرضى بدعوى أنها مختلفة ومصابة بمرض نادر يبعث على الاشمئزاز.
"استئصال الأورام يفقدني جزءا من حياتي"
وأضافت فاطمة الزهراء أن أصعب مراحل الحياة التي كان لزاما عليها المرور منها، هو الفحوصات الطبية وما تستلزمة من عمليات جراحية لاستئصال الأورام وهو الأمر الذي تسبب لها في آلام شديدة، غير أنها لم تستسلم للأمر الواقع وظلت تقاوم حتى تتمكن من الانتصار على هذا المرض الذي لم تعتبره قط حاجزا أمام النجاح إنما على العكس من ذلك اعتبرته التحدي الأكبر لها في الحياة، والذي حملها إلى تحقيق العديد من الإنجازات في ظرفية وجيزة من حياتها.