بشكل فج يطرح أكثر من علامة استفهام، عمدت السفارة الفرنسية بالمغرب، الى رد أشبه ب"مهاجمة" وسائل اعلام مغربية عقب تداولها لخبر منع فرحات مهني، رئيس جمهورية القبايل المقيم بفرنسا، من الظهور في قناة CNEWS الفرنسية، الذي تطرقت اليه مختلف وسائل الاعلام الدولية خاصة فرنسا، لكونه يعتبر تدخلا سافرا في العمل الصحفي والإعلامي. ورغم أن الأمر يهم الدولة الفرنسية، فقد عمدت السفارة الفرنسية بالرباط الى تدبيج بيان يجسد سقطتها المدوية في قضية لا صلة لها بها، محاولة الزج بالمغرب، و بالرأي العام المغربي في قضية لا تتعلق به نهائيا، فالقضية وقعت في فرنسا، والمعني بها هي الصحافة الفرنسية، والمستهدف بها هو مواطن يحمل جواز سفر فرنسي ويمثل جمهورية القبايل. والمثير في الأمر هو أن السفارة الفرنسية في المغرب نفت رسميا ضلوع السلطات الفرنسية في التدخل لدى القناة التلفزيونية الفرنسية "سي نيوز" من أجل منع فرحات مهني، رغم أن الخبر صحيح وتم تداوله على نطاق واسع، لكونه يجسد مزج السياسة بالاعلام في فرنسا، لكون الرئيس فرانسوا ماكرون، هو الذي تدخل في الأمر بايعاز من النظام العسكري الجزائري، و الرئيس عبد المجيد تبون. السفارة الفرنسية بالرباط تحدثت دون وخز ضمير عن كون فرنسا ملتزمة بحرية الصحافة وحرية التعبير في العالم، رغم أن منع فرحات مهني، من الظهور الإعلامي على قناة فرنسية، يجسد أكبر مهازل الاعلام الفرنسي، فكيف سمحت السفارة الفرنسية لنفسها اذن، بنشر بيان في المغرب والحال أننا بعيدين عن مهزلة استهدافهم لحرية التعبير. كما أن التمثيلية الدبلوماسية الفرنسية بالمغرب، حاولت من خلال ردها على الصحافة المغربية، مصادرة الحق في التعبير بالمغرب ومنع الرأي العام المغربي من الخوض في قضايا فرنسا الداخلية، خاصة وأن الصحف المغربية لم تكن الوحيدة التي تطرقت إلى الموضوع، بل هناك صحف ووسائل إعلام دول أخرى تناولت الخبر بالتفصيل، واستندت إلى مصادرها الخاصة لتكشف أن الرئاسة الفرنسية كانت وراء منع فرحات مهني وأن التدخل جاء استجابة لمطالب جزائرية .ليطرح السؤال: ما الذي آلم السفارة الفرنسية في تطرق الصحف المغربية لقضية مرتبطة بالرقابة على حرية التعبير في فرنسا التي تعتبر بلد الحريات؟، والحال أن وسائل الاعلام الفرنسية لا تتوانى في استهداف حرية الصحافة بالمغرب بتقارير مفبركة كلها فبركة ومغالطات. ويبدو من واقعة منع فرحات مهني من الظهور الإعلامي على قناة فرنسية، أن الرئاسة الفرنسية أضحت "لعبة" طيعة في أيدي النظام العسكري الجزائري، الذي يسعى الى اخراس جميع الأصوات المعارضة المطالبة بالديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، فكيف يحدث هذا في جمهورية ولد بين أحضانها مفكري ومنظري فكر الأنوار وحرية الرأي والتعبير. ان بيان الحقيقة الذي نشرته السفارة الفرنسية بالرباط حاول التدخل بشكل ممنهج في الخط التحريري للمنابر الإعلامية الوطنية المغربية؛ و تخطى أعراف التحفظ المفروض في العمل الدبلوماسي والقنصلي، بعد أن عمدت السفارة الفرنسية بالمغرب الى تدبيج بيان "مخدوم" بالدارجة المغربية تنفي فيه القاء لقاء تلفزيوني على قناة فرنسية مع زعيم جمهورية القبائل فرحات مهني، وهو ما فاجأ المتتبعين للشأن السياسي بالمغرب. اللغة التي كتب بها بيان السفارة الفرنسية بالمغرب يؤكد تعطشها نحو التضييق على العمل الصحفي لوسائل الاعلام الوطنية، حيث جاء في البيان ان " السفارة اطلعت على المقالات الصحفية والتعليقات التي زعمت تدخل السلطات الفرنسية لمنع مرور شخص على قناة فرنسية، مؤكدة أنها تنفي نفيا قاطعا هذه الاتهامات"، وهي لغة تجسد سقطة من سقطات السلطات الفرنسية التي أضحى أمرها مرهونا بتعليمات النظام العسكري الجزائري، والرئيس عبد المجيد تبون.