للمرة الثانية في مدى 3 سنوات، دفع منتخب انكلترا ثمن تحفظ مدربه غاريث ساوثغيت بعدما تجرع فريقه سم ركلات الترجيح امام ايطاليا الأحد في المباراة النهائية لكأس اوروبا 2020. وكانت كتيبة المدرب الشاب حققت انطلاقة مثالية نحو تحقيق اول لقب كبير لها بعد صيام دام 55 عاما، عندما منحها الظهير الايسر لوك شو التقدم بعد مرور دقيقتين فقط مسجلا اسرع هدف في تاريخ المباريات النهائيات للبطولة القارية. في تلك اللحظة، كان من السهل تخيل ان يصبح ساوثغيت بطلا قوميا لكون انكلترا باتت على بعد 88 دقيقة من احراز اول لقب كبير لها منذ ان توجت بطلة للعالم على ارضها بفوزها على المانيا الغربية 4-2 بعد التمديد عام 1966. بيد ان مدرب "الاسود الثلاثة" قرر عدم المجازفة في الشوط الثاني فأدرك المدافع المخضرم ليوناردو بونوتشي التعادل منتصف هذا الشوط، مستغلا معمعة داخل المنطقة اثر ركلة ركنية، قبل ان يخوض المنتخبان ركلات الترجيح التي نجح فيها لاعبو "اتزوري" في المحافظة على رباطة جأشهم ليحسموها 3-2. كانت ركلات الترجيح تجربة مريرة اخرى لساوثغيت الذي كان مسؤولا عن اهدار ركلة جزاء في نصف نهائي كأس اوروبا عام 1996 على الملعب ذاته ضد المانيا لتحسم الاخيرة النتيجة في صالحها في طريقها للتتويج باللقب. منذ ان استلم تدريب المنتخب الانكليزي عام 2016، بدا وكأن ساوثغيت نجح في محو السجل السيء لانكلترا في ركلات الترجيح عندما نجح فريقه في تخطي كولومبيا في ثمن نهائي مونديال روسيا بفضل هذه الركلات، ثم سويسرا في ربع نهائي دوري الامم الاوروبية. بيد ان قرار المدرب اشراك ماركوس راشفورد وجايدون سانشو في الدقيقة الاخيرة من الوقت الاضافي الثاني من اجل تسديد ركلات الترجيح ارتد سلبا عليه لأن اللاعبين اخفقا في محاولاتهما اذ تصدى القائم لتسديدة الاول، والحارس الايطالي جانلويجي دوناروما لمحاولة الثاني، قبل ان يهدر البديل الآخر الشاب بوكايو ساكا محاولته ايضا. وتكرر سيناريو مباراة الدور نصف النهائي في مونديال روسيا ضد كرواتيا عندما تقدم المنتخب الانكليزي بهدف مقابل لا شيء، لكن منتخب الاسود الثلاثة تراجع من دون اي سبب ليقلب المنتخب البلقاني الطاولة عليه ويفوز 2-1 بعد التمديد في طريقه الى المباراة النهائية التي خسرها امام فرنسا 2-4. في تلك المباراة فشل ساوثغيت في ايجاد الحل وسط استحوذ كرواتيا على الكرة بفضل تألق مايسترو خط الوسط لوكا مودريتش الذي اختير افضل لاعب في المونديال. بيد ان ساوثغيت اعتبر الاسبوع الماضي بان فريقه اصبح "اكثر استعدادا" للمباريات الاقصائية بعد الخروج الأليم من نصف نهائي مونديال روسيا. وبالفعل، نجح المنتخب الانكليزي في قلب تخلفه صفر-1 امام الدنمارك الى فوز صعب 2-1 في نصف نهائي كأس اوروبا الاربعاء الماضي، لكن وبعد 4 ايام، تميز اداء لاعبي المنتخب الانكليزي بالتوتر وفشلوا في امتحان رهبة محو 55 عاما من الحرمان، في الوقت الذي رمى المنتخب الايطالي بكل ثقله من اجل ادراك التعادل. وعلق قائد مانشستر يونايتد السابق غاري نيفيل والمعلق التلفزيوني حاليا "لقد تراجعوا الى الوراء في الدقائق العشر الاخيرة من الشوط الاول. تتذكرون كرواتيا عام 2018؟ تكرر السيناريو ذاته: تراجعوا الى الخلف وتعرضوا للضغط". وفي الوقت الذي لم يتردد مدرب ايطاليا روبرتو مانشيني في التخلي عن مهاجمه تشيرو ايموبيلي واشراك دماء جديدة لتفعيل خط الهجوم من خلال الزج بالجناح دومينيكو بيراردي، ابقى ساوثغيت على تشكيلته الاساسية حتى وقت متأخر. ارتكب المدرب الانكليزي بذلك خطأ كبيرا لان بونوتشي ادرك التعادل بعد دربكة امام المرمى في الدقيقة 67. كانت ردة فعل ساوثغيت اشراك ساكا وجوردان هندرسون مباشرة بعد الهدف، فتعادلت الكفتان من حيث السيطرة على مجريات اللعب لينتهي الوقت الاصلي بالتعادل 1-1. ثم كانت الكلمة الاخيرة لحارس ايطاليا دوناروما الذي تصدى لمحاولتي سانشو وساكا مانحا فريقه اللقب الثاني في تاريخه، ليستمر انتظار انكلترا الطويل اقله حتى مونديال قطر 2022.