يسابق النظام الجزائري الزمن هذه الأيام في محاولة للتأثير على المسار الجديد، الذي اتخذته قضية الصحراء المغربية على الصعيد الأممي والقاري، حيث دفع بالدبلوماسي الجزائري، الذي يتولى منصب مفوض السلم والأمن بالاتحاد الافريقي، إسماعيل شرقي، الى محاولة استغلال الأيام القليلة المتبقية له على رأس المجلس، للدفاع عن أطروحة جبهة "البوليساريو" الانفصالية، ومحاولة حشد التأييد لها قبل انعقاد القمة المقبلة بأديس أبابا، والتي من المنتظر أن تتمخض عن قرارات مهمة ستنهي أسطورة جبهة اسمها "البوليساريو". ويدفع النظام الجزائري في اتجاه إخراج قضية الصحراء من المجال الحصري للأمم المتحدة، بغية إشراك الاتحاد الافريقي في معالجة هذا النزاع، بما يفيد ضمنيا العودة إلى خيار استفتاء تقرير المصير، والمفاوضات بين طرفي النزاع، أي المغرب وجبهة البوليساريو، وإعطاء دور لمفوضية السلم والأمن في الاتحاد الأفريقي. هذا المعطى كان واضحا في تصريح الدبلوماسي إسماعيل شرقي، الذي دعا في تصريحات لوكالة سبوتنيك الروسية، إلى "تنظيم استفتاء لتقرير المصير (في الصحراء)"، مشيرا الى أن "هذه هي المهمة الرئيسية" للأمم المتحدة. وقال إسماعيل شرقي على تويتر انه أثار النزاع الإقليمي خلال محادثاته مع السفير الروسي لدى إثيوبيا يفغيني تيريكين، داعيا موسكو للمساهمة في تمويل عمليات حفظ السلام التي يقوم بها الاتحاد الأفريقي". النظام الجزائري يرغب اذن من خلال هذه المناورات اليائسة، فضلا عن التغطية على الهزائم الكبيرة التي منيت بها جبهة "البوليساريو" الانفصالية، وضع حد لمسلسل الحل السياسي، الذي تتبناه الأممالمتحدة وقرارات مجلس الأمن، التي كرست جدية ومصداقية المبادرة المغربية للحكم الذاتي. ويحاول النظام الجزائري تشكيل جبهة مع جنوب افريقيا بغية التخلص من قرار قمة نواكشوط ال693، الذي أقرّ بأن قضية الصحراء هي مسؤولية حصرية للأمم المتحدة، وبموجبه أنشأت آلية "الترويكا" للاتحاد الأفريقي، التي يقتصر دورها على "تقديم دعم فعال للجهود التي تقودها الأممالمتحدة". وفي هذا الصدد، قام وزير خارجية الجزائر صبري بوقادوم، بزيارة إلى بريتوريا يوم 11 يناير الجاري، بغية الدفع في اتجاه مراجعة قرار نواكشوط، خلال القمة الأفريقية، المزمع تنظيمها في أديس أبابا يومي 6 و7 فبراير المقبل. غير أن جنوب أفريقيا والجزائر لن تتمكنا من التخلص من قرار قمة نواكشوط، أو تعديله، لأن رئيس الاتحاد الأفريقي، رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، وجد نفسه محاصراً في قمة "إسكات البنادق"، التي نظمت عن بعد في 7 دجنبر المنصرم، ولم يجد بدا سوى الإقرار بوجاهة القرار 693 الصادر عن قمة نواكشوط، يومي 1 و2 يوليوز 2018، والتي أقرت انشاء آلية "الترويكا" للاتحاد الأفريقي، التي يقتصر دورها على "تقديم دعم فعال للجهود التي تقودها الأممالمتحدة"، وهو ما تريده الجزائر، و جنوب افريقيا، اللتان تسعيان الى التخلص من قرار يجعل ملف الصحراء مسؤولية حصرية للأمم المتحدة. هذا التحرك جنوب افريقي، دفع السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأممالمتحدة، عمر هلال، إلى بعث رسالة الى أنطونيو غوتيريش، وإلى رئيس وأعضاء مجلس الأمن، ندد فيها بمناورات جنوب أفريقيا بشأن قضية الصحراء المغربية. وأعرب السفير هلال، في رسالته، عن أسف المغرب العميق لكون جنوب أفريقيا، التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي ومجلس الأمن، وقت إرسال رسالتها، ابتعدت عن الحياد الذي تفرضه عليها مهامها بتخصيص قضية الصحراء المغربية، والتضحية بالتحديات المشتركة لأفريقيا. وأكد عمر هلال أن مراسلة جنوب أفريقيا الى الأممالمتحدة، تشير بشكل مضلل إلى أن القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقي حول "إسكات البنادق" كانت مخصصة حصرياً لقضية الصحراء المغربية، مبرزا أن الحقيقة مختلفة تماماً، وأن مقاربة جنوب أفريقيا في إفراد (القمة) لقضية الصحراء تكشف عن محاولة مزدوجة على المستويين الإجرائي والموضوعي، لتضليل الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن.