أمس الثلاثاء كان يوما مشهودا في العلاقات بين الإمارات والمغرب، بقرار أبوظبي فتح قُنصلية عامة بمدينة العيون، في خطوة وصفته الرباط بأنها "تاريخية" للحفاظ على وحدة تراب المملكة، فيما تعتبر هزيمة أخرى مدوية لجبهة البوليساريو الوهمية والموالين للطرح الانفصالي. ووفقا لبلاغ الديوان الملكي، فالقرار جاء في إطار علاقات التعاون المثمر والتضامن الفعال بين البلدين، وجسد موقف الإمارات الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل المحلية والدولية". العلاقات المتميزة بين المغرب والامارات ليست وليدة اليوم بل تعود جذورها الى عهد مؤسس دولة الإمارات الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والملك الراحل الحسن الثاني، واللذان عملا على سنوات لترسيخ شراكة استراتيجية وتاريخية قاسمها المشترك التعاون والتضامن وتبادل الرؤئ في القضايا ذات الاهتمام المشترك. و على درب رؤيتهما، سار الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، و جلالة الملك محمد السادس جنبا إلى جنب وبخطى ثابتة نحو شراكة متعددة الجوانب، اذ حرصت قيادتا البلدين على دعم العلاقات وتطويرها لتشهد تطورا متواصلا في جميع المجالات السياسية والاقتصادية، وسط رغبة مشتركة لتعزيز التعاون الثنائي، والاضطلاع بدور مهم في المحيطين العربي والإسلامي؛ من أجل ترسيخ أسس العمل العربي المشترك. وما يميز العلاقات بين المغرب والامارات هي كونها تتعدى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والعسكرية، لتمتد إلى المجالات الإنسانية والاجتماعية أيضاً وفي مناسبات عديدة. قرار تاريخي…افتتاح قنصلية بالأقاليم الصحراوية للمغرب كأول دولة تقدم على هذه الخطوة غير المسبوقة، أعلن المغرب أن دولة الإمارات قررت فتح قُنصلية عامة بمدينة العيون الواقعة جنوبي البلاد، وذلك في مباحثات هاتفية بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، وجلالة الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء. ويندرج هذا الاتصال، بحسب بلاغ الديوان الملكي، في سياق "التنسيق والتشاور الدائمين بين قيادتي البلدين، وما يجمعهما من عمق أواصر الأخوة الصادقة والمحبة المتبادلة"، كما يأتي في "إطار علاقات التعاون المثمر والتضامن الفعال التي تجمع المملكة المغربية بدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة. وأكد بلاغ الديوان الملكي أن القرار يجسد موقفها الثابت في الدفاع عن حقوق المغرب المشروعة وقضاياه العادلة، ووقوفها الدائم إلى جانبه في مختلف المحافل الجهوية والدولية. وأوضح ذات البيان، أهذا القرار "ليس بغريب عن دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة وقيادتها الحكيمة، في نصرة القضايا العادلة والمشروعة". حركية دبلوماسية مهمة نهاية شهر غشت المنصرم، أعادت الإمارات، تعيين العصري سعيد أحمد الظاهري، سفيراً بالرباط، التي شهدت فترته السابقة تقوية للروابط بين البلدين، في خطوة يراد منها بكل تأكيد الدفع قدما بمستوى العلاقات الثنائية بين المغرب والامارات وتعزيزها بشراكات جديدة في مختلف المجالات. قرار جاء بعد أسابيع قليلة من تعيين جلالة الملك محمد السادس، لمحمد الحمزاوي سفيراً للمملكة لدى الإمارات العربية المتحدة. تكليف جديد يرفع من منسوب العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، لا سيما أن "الظاهري" شغل المنصب نفسه لمدة خمس سنوات، وهي الفترة التي شهدت تعزيزاً مُتسارعاً للعلاقات بين البلدين. و قدم العصري أوراق اعتماده للخارجية المغربية في مارس من عام 2011، لتستمر مهمته حتى مارس من عام 2016، وهو الشهر الذي قام الملك محمد السادس بتوديعه، موشحاً إياه ب"الحمالة الكبرى للوسام العلوي". زيارات متبادلة شهدت السنوات العشر الماضية تبادلاً للزيارات على أعلى المستويات بين قادة البلدين، وذلك تعزيزاً للعلاقات الثنائية وتوطيداً لها. وخلال هذه الفترة، قام جلالة الملك محمد السادس بزيارتين رسميتين لدولة الإمارات العربية المتحدة، الأولى في أكتوبر من عام 2012، إذ جاءت ضمن جولة زار خلالها كُلا من المملكة العربية السعودية والكويت. ليعود في زيارة خاصة للإمارات في ماي 2015. وفي مارس من عام 2015، قام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة للمملكة المغربية تلبية لدعوة من الملك محمد السادس، وذلك تتويجاً لمسار متألق في مسيرة التعاون بين البلدين الشقيقين، اذ عرف برنامج الزيارة توقيع اتفاقيات تعاون ثنائي بين البلدين الشقيقين وتدشين مستشفى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان بمدينة الدارالبيضاء ومصنع أفريقيا للأسمدة ومعمل تحلية مياه البحر بالجرف الأصفر بإقليم الجديدة. وخلال هذه الزيارة، قلد العاهل المغربي الملك محمد السادس، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الوسام المحمدي من الدرجة الأولى، وذلك تقديراً لجهوده وإسهاماته في تدعيم العلاقات الأخوية وحرصه على توطيدها وتنميتها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين. وجاء هذا التوشيح في أعقاب توقيع إحدى وعشرين اتفاقية ومذكرة تشمل المجالات الأمنية والسياسية والطاقة والتعليم والرياضة والثقافة والجمارك والشؤون الإسلامية والصحة والاتصالات والسياحة والبنية التحتية.