الأخبار القادمة من كل مكان تشي، بل تؤكد، أن الموجة الثانية، وربما الثالثة، من فيروس كورونا لم تعد وشيكة فقط، بل بدأت فعلا، وأرقام المصابين تتصاعد في العشرات من بلدان العالم، خصوصا في آسيا، حيث بدأ الوباء أول مرة وإليها عاد ليبدأ موجته الثانية، أو موجاته المتتالية. يحدث هذا في الصيف، الذي كان الناس يمنون النفس أن يكون هو من يوجه الضربة القاضية للفيروس، ما دام من يسمون أنفسهم خبراء الصحة العالمية، تحدثوا كثيرا عن هزيمة الفيروس المحتومة صيفا، وفي النهاية فإن الموجة الثانية، والقاسية أيضا، للفيروس جاءت صيفا، بل في عز حرارة قياسية. ويبدو أن الموجة الثانية قررت أن تغير مكانها هذه المرة، فعوض الصين فإنها اختارت الهند، التي صارت تسجل أكثر من 30 ألف إصابة بالفيروس كل يوم، وهو رقم لن يكون حقيقيا في إطار العدد الكبير للسكان، الذين يكادون يتفوقون على سكان الصين، حيث يمكن أن يكون الرقم أعلى بكثير. في البلدان التي ضربتها الموجة الثانية من الفيروس، لم يعد هناك مكان لأفرشة في المستشفيات، وحتى الأطباء تعبوا أكثر من اللازم، وآخرون اختاروا أخذ عطلة قسرية للابتعاد من الخطر، أما الذين ضحوا بأرواحهم فهم كثيرون.. ويستحقون أكثر من تكريم. وحتى في البلدان المتقدمة جدا، مثل اليابان، فإن المستشفيات غصت بالمصابين، وصارت السلطات اليابانية تطلب من حاملي أعراض الفيروس البقاء في منازلهم لقضاء فترة الحجر الصحي، لأنه لا يمكن لمستشفيات البلاد أن تستوعب كل أعداد المصابين. ما يحدث في البلدان المتقدمة يشي بأسوأ العواقب في البلدان المتخلفة التي يمكن أن تصيبها الموجات التالية منة الفيروس. فالبنيات الصحية أصلا هشة، والناس يساهمون بقوة في تربية الفيروس بينهم ورعايته عبر الإيمان بنظرية المؤامرة، أي أنه لا يوجد فيروس، وهي نظرية لا تتهشم إلا عندما يموت أقرباء أصحاب نظرية المؤامرة، أما أن يموت البعيدون فهذا لا يعني شيئا. الخطر لا يزال قائما بقوة، وربما تكون الأوضاع حاليا ومستقبلا أسوأ بكثير من الماضي، بينما لا يزال العقار الشافي بعيدا عن المتناول، وربما لن يوجد أبدا.