أمضى الرئيس البرازيلي، جاير بولسونارو، أشهرا طويلة وهو يحاول أن يقنع الآخرين، بعدما أقنع نفسه، بأن ما يسمى فيروس "كوفيد 19″، أو كورونا، حسب اسمه الشعبي، ليس سوى وهم كبير، أو نزلة برد عادية وعابرة في أحسن الأحوال. بالموازاة مع هذا الاعتقاد، لم تقم البرازيل في البداية بمجهود كبير من أجل تجنب تبعات الفيروس، وهو ما أدى إلى وضع البلاد في مراتب متقدمة من حيث ضحايا الفيروس، حيث صار البرازيليون، ولا زالوا، يحصون الضحايا بالآلاف يوميا، ما بين وفيات ومصابين. وحتى مع ذلك، ظل الرئيس البرازيلي يتباهى باقتناعه الملحمي بكون الفيروس مجرد نزلة برد عابرة، بل وأقل من نزلة برد، وهو ما جعله لا يرتدي الكمامة في الكثير من الأحيان، خصوصا في التجمعات العامة، لكي يثبت للبرازيليين بأنه لا يخاف من نزلة برد ترهب العالم. وحتى عندما ارتدى الحليف الكبير لبولسونارو، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الكمامة، فإن الرئيس البرازيلي ظل مصرا على عدم ارتدائها، رغم أن الرئيسين كانا متقاربين جدا في رؤيتها للفيروس، وهو ما جعل بلديهما يتبوآن الصدارة في الإصابات والوفيات. فخامة الرئيس ظل طوال أشهر يردد بأن مسألة التباعد الاجتماعي مجرد عبث، وأن الفيروس كما يتم الترويج له مجرد وهم عالمي، لكنه الآن، وبعد أن أثبتت التحاليل إصابته بالفيروس، صار يذكر بأن الفيروس قدر حتمي، وأنه لا يمكن الهرب منه، سواء بالتباعد الاجتماعي أو بالكمامة أو بغير ذلك، وأن "كورونا" مثل المطر، لا يمكن لأحد النجاة منها مهما فعل. ويبدو أن الرئيس البرازيلي، وقد صار أبرز ضحية للفيروس في العالم، يريد أن يتهرب من ماضيه في الاستهانة بالفيروس، عبر سياسة الهروب إلى الأمام، حين أصر على عبثية التباعد الاجتماعي، لأن الفيروس لا يفلت أحدا من البشرية، وأنه لن يرحل قبل أن يجرب الجميع حظهم منه، سواء بالإصابة أو بالموت، أو حتى من دون أعراض. الآن صار بولسونارو يرتدي الكمامة ويعتني بها جيدا، لكن بعد فوات الأوان، وربما صار درسا لباقي الرؤساء والمسؤولين في العالم، الذين أبخسوا الفيروس قدره.. فأبخسهم قدرهم