من بين كل العروض الجماهيرية التي تضررت بفعل جائحة "كورونا"، نادرا ما يتم الاهتمام باستعراض جماهيري يحظى بشعبية جارفة في إسبانيا، وحتى في بلدان أخرى مثل أمريكا اللاتينية، وهو مصارعة الثيران، الذي يعتبر القطاع الاستعراضي الأكثر غبنا هذه الأيام. الفاعلون في هذا القطاع، قرروا الخروج في مظاهرة، ولو محدودة، في عدد من المدن الإسبانية نهاية الأسبوع الحالي، للاحتجاج على ما اعتبروه إهمالا مقصودا من جانب الحكومة الإسبانية لهذا القطاع الاستعراضي، الذي تعرض لأضرار كبيرة وغير مسبوقة، مثله مثل كرة القدم أو المسرح أو غيرها. لكن ما يحرج الفاعلين في قطاع مصارعة الثيران، هو أنهم يجدون أنفسهم خارج التصنيف، فليسوا هم قطاعا رياضيا ولا قطاعا فنيا ولا مسرحيا، رغم أن مصارعة الثيران ضاربة أطنابها في تاريخ إسبانيا. المظاهرة المقرر أن تعرفها عدة مدن في إسبانيا، يوم 13 من يونيو الحالي، لا تهدف فقط إلى استدرار الدعم الحكومي لهذا القطاع، بل تهدف بالأساس إلى محاولة تصنيف مصارع الثيران قطاعا ثقافيا، حيث سيرفع المتظاهرون شعرا أساسا يقول "نحن أيضا نمثل الثقافة"، وهو شعار يبدو أن لن يروق كثيرا لمعارضي هذا الاستعراض في إسبانيا، والذين صاروا أكثر عددا من ذي قبل. وبدا لافتا أن هذه المظاهرات تجنبت المدن الكبرى، مثل العاصمة مدريدوبرشلونة وبلباو وغيرها، وهي المدن التي تعرف وجود تيارات قوية تنادي بإلغاء مصارع الثيران في البلاد، حيث سبق أن منعت بلدية برشلونة هذا القطاع الاستعراضي. المظاهرات "الثورية" لعشاق مصارع الثيران في إسبانيا، تحاول أن تضرب أكثر من ثور بسيف واحد، حيث يطمح عشاق هذا الاستعراض إلى لفت الانتباه إلى ما يعتبرونه "معاناة" في كل الأوقات، وليس في زمن كورونا فقط، حيث يصعب تصنيفهم ولا تتبناهم أية وزارة في البلاد، بالإضافة إلى تصاعد العدائية ضد مصارعة الثيران من طرف مزيد من الإسبان، الذين يعتبرون هذا الاستعراض وحشيا ومخلا بالحقوق الأساسية للحيوانات، وغالبا ما تقع مواجهات عنيفة بين الداعمين والمعارضين لمصارعة الثيران.