مددت السلطات الإيرانية ثلاث مرات مساء الجمعة عمليات الاقتراع في الانتخابات التشريعية، فيما يتوقع أن يستفيد المحافظون من تدني نسبة المشاركة بعد رفض طلبات آلاف المرشحين الإصلاحيين والمعتدلين وشعور العديدين بالخذلان إزاء أداء الحكومة. وعند الساعة 18,00، التوقيت الذي كان يتوجب خلاله إغلاق مراكز الاقتراع، أعلن التلفزيون الحكومي تأجيل إغلاقها إلى الساعة 20,00 (16,30ت غ) إفساحاً في المجال أمام الراغبين في المشاركة بما وصفه مرشد الجمهورية اية الله علي خامنئي قبيل الاستحقاق ب"الواجب الديني". وعقب ذلك، أعلن التلفزيون الحكومي مجدداً تأجيل الإغلاق لساعتين إضافيتين، حتى الساعة العاشرة مساء بالتوقيت المحلي (18,30 ت غ). وللمرة ثالثة، أعلنت السلطات تمديداً جديداً لعمليات الاقتراع. وستبقى أبواب مراكز الاقتراع مفتوحة حتى الساعة 23,00 (19,30 ت غ)، وفق ما أعلن المتحدث باسم اللجنة الانتخابية إسماعيل موسوي عبر القناة الحكومية. وأضاف موسوي أنّ عمليات الفرز يمكن أن تبدأ في المكاتب الخالية من الناخبين. وبعد إدلائه بصوته في الصباح، جدد المرشد دعوته إلى ما يقدّر ب58 مليون ناخب للمشاركة ب"حماسة" في الاقتراع، ضماناً ل"مصلحة البلاد الوطنية". وقالت وكالة أنباء فارس القريبة إلى المحافظين، إنّ النسبة كانت حول 40% في كل أنحاء البلاد بحدود الساعة 18,00، في مقابل 30% في طهران. وكانت وزارة الداخلية أشارت قبل الانتخابات إلى أنّ النسب في الانتخابات التشريعية لم تكن أقل من 50% طيلة 40 عاماً. وقالت وكالة فارس إنّ الوزارة لن تعلن النسب النهائية قبل السبت. ومن غير المتوقع الإعلان عن النتائج النهائية قبل الأحد. وتشكلت طوابير طويلة أمام مكاتب الاقتراع جنوبي طهران حيث يحظى المحافظون بقاعدة انتخابية متينة، فيما كانت أعداد الناخبين أقل في شمال العاصمة الذي سبق أن صوّت بغالبية للرئيس حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية عامي 2013 و2017. وأعلنت السلطات الإيرانية في سياق آخر وفاة شخصين إثر إصابتهما بفيروس كورونا المستجد، ما يرفع إلى أربعة عدد الوفيات بالفيروس. وكان قد جرى الأربعاء الإعلان رسمياً عن الحالات الأولى في قم (وسط). غير أنّ وكالة الأنباء الرسمية "ارنا" أكدت أنّ فيروس كورونا المستجد لم يكن له اي تأثير على "حماسة" الناخبين في هذه المدينة. وسيتولى الفائزون ال290 بهذه الانتخابات ال11 التي تشهدها البلاد منذ الثورة الإسلامية عام 1979، أعمالهم في سياق توتر متصاعد بين طهرانوواشنطن، وفي ظل ظرف داخلي يعاني من الركود الشديد. وتأتي هذه الانتخابات بعد نحو شهر ونصف الشهر من إعلان القوات المسلحة الإيرانية إسقاط طائرة تابعة للخطوط الجوية الأوكرانية "عن طريق الخطأ". وأثار الإقرار المتأخر بالمسؤولية عن هذه المأساة تظاهرات محدودة ولكنّها أثّرت سلباً على مظاهر الوحدة الوطنية التي تبدّت خلال تشييع الجنرال الإيراني قاسم سليماني الذي قتل في ضربة أميركية في العراق في 3 يناير. وكان عدد من سكان طهران قد أعربوا لفرانس برس عن عدم رغبتهم في المشاركة. ولكن في مركز اقتراع في شمال العاصمة، قال رس محسن جلالي، موظف يبلغ 37 عاماً، إنّ هدف التصويت "أن نظهر (للولايات المتحدة) أننا نؤيد بالكامل مرشدنا" آية الله خامنئي. ورغم عدم قبول ترشح آلاف الإصلاحيين والمعتدلين، اعتبر جلالي أنّ "هذه الانتخابات نزيهة تماماً". وقال إنّ عدم قبول ترشحهم يعني أنّ ثمة "مشكلة" بخصوص ملفاتهم. وستحدد نتائج الانتخابات وطبيعة مجلس الشورى المقبل، هامش المناورة الذي سيتمتع به الرئيس روحاني حتى نهاية ولايته في 2021. ويمكن لهذه النتائج أن تؤثر على سياسة الانفتاح التي يتبعها خارجياً. ويرفض المحافظون المتشددون أي مفاوضات مع الغرب ويتطلعون إلى التخلي عن الاتفاق النووي الذي انسحبت منه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في العام 2018. وكان روحاني يرى في هذا الاتفاق الموقّع عام 2015، نافذة أمل من شأنها إدخال إيران في مرحلة ازدهار. عوض ذلك، أدّت عودة العقوبات الأميركية إلى إدخال البلاد في مرحلة ركود شديد. وانتقد على رضا هاشمي وهو موظف في شركة لبيع العقارات (25 عاما) حكومة روحاني. وقال لفرانس برس "بعد انتخابنا لروحاني كل شيء انهار. وقع اتفاقا نوويا سيئا وتحاور مع الغرب من دون اي ضمانات حقيقية". وفي ظل هذه الظروف التي تشهدها إيران، أعلنت "مجموعة العمل المالي" (غافي) الجمعة فرض كل العقوبات على إيران، معتبرة أن طهران لم تتخذ الإجراءات المنتظرة منها ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب. ودعا فريق روحاني كل الناخبين إلى الإدلاء بأصواتهم حتى ولو كانوا غير راضين عن أداء الحكومة. وأثناء الادلاء بصوته قال روحاني "نحن في غاية السعادة لاضافة يوم عظيم جديد لتاريخ بلادنا وثورتنا". وبعد رفض ترشح الالاف، أضافت واشنطن الخميس إلى قائمة العقوبات التي تفرضها على الجمهورية الإسلامية أسماء خمسة مسؤولين مكلّفين فحص طلبات الترشّح، بينهم أمين مجلس صيانة الدستور أحمد جنّتي. وسخر جنتي (92 عاما) من العقوبات قائلا "أتساءل ماذا سنفعل بكل الأموال التي نملكها في حسابات مصرفية أميركية؟". ونقلت عنه وكالة تسنيم قوله "لم يعد في إمكاننا الذهاب إلى هناك حتى في عيد الميلاد!". المصدر: الدار أ ف ب