إحلال السلم مع "الكارتيلات" (3) كنت أستعمل نظارات شمسية كبيرة الحجم حالت دون أن يتعرف أي من النزلاء على هويتي، بينما قام الحارس بتأمين الدخول إلى الجناح العالي التأمين، حيث التقيت ب "أوتو" و"بوبيي" وهما يحملان رسالة مفادها أن أوردينولا كان ينتظرني. وكانت نفس الساحة تضم بعض معارف والدي السابقين ممن اشتغلوا معه، منهم خوصي فرناندو بوسادا وسيرخيو ألفونسو أورتيث الملقب ب "الطائر". –هون على نفسك خوان، فدون إيفان شخص لطيف، لن يحدث شيء… إنه عراب ابني –قال لي 'بوبيي' بعد إنهاء جمل في مدح أوردينولا بدت مبالغ فيها بشكل مفرط. دخلت إلى الزنزانة ووجدت أوردينولا برفقة شخصين لم أعرفهما، وسرعان ما انضم إليهم خمسة آخرون كان أحدهم طويل القامة تعلوه مسحة من الغموض أثار انتباهي. –أنت تعلم يا ولدي من فاز بالحرب وتعلم أيضا أن كبير الكبراء المتحكم في كل شيء هو السيد جيلبيرتو رودريغيث أوريخويلا؛ لذا يتوجب عليك الذهاب إلى "كالي" وتسوية مشاكل معهم، لكن عليك قبل ذلك أن تظهر دليلا على حسن نيتك. سألته عما يتوجب علي فعله لأنال رضاهم، فأجابني بالتراجع عن تصريح وضعته أمام النيابة العامة اتهمت فيه زعماء "كالي" بوضع قنبلة في مبنى موناكو يوم 13 يناير 1988. أحسست أنه لا خيار أمامي فما كان مني إلا الإجابة بعدم وجود أي مشكل في فعل ذلك. عندها أخبرني أوردينولا أن محامية سترى ذلك في قادم الأيام. بدا لي التراجع عن اتهام قديم مقابل البقاء على قيد الحياة أمرا طبيعيا، وبعد النظر في عيني أوردينولا تسرب الخوف إلى قلبي.
-سيد إيفان، أنا آسف للغاية لكني متخوف جدا من الذهاب إلى "كالي". لن يذهب أحد في كامل قواه العقلية إلى هناك وحده لكي يقتلوه. هذا الأمر يتعارض مع غزيرة البقاء. أنا أعلم أن الكثيرين ذهبوا إلى هناك وعادوا أحياء، لكن الأمر يختلف معي لأن ذهابي يعني عودتي وأنا محمل في كيس، فأنا ابن بابلو –أجبت أوردينولا بشيء من الضيق. –من تخال نفسك لكيلا تذهب إلى "كالي"؟ ألا تعلم أن الأشخاص المكلفين بحمايتك هم أنفسهم المستعدون للقضاء عليك، لا يمنعهم عن ذلك إلا اتصالنا بهم وإعطائهم الأمر؛ هل تعتقد أن قتلك يكلف الكثير من المال؟ هل ترى أن السفلة يطلبون الكثير؟ قتلك يكلف ثلاثمائة مليون بيزو (عملة كولومبيا) ونستطيع في حال رغبت بالاتصال بالشباب والقيام بذلك. آه، اخرجوا من هنا يا أبناء العاهرات فأنا أريد مجامعة زوجتي –انتهى كلام أوردينولا بينما دخلت زوجته لورينا إيناو. بقيت مشدوها من كلمات أوردينولا، فخرجت وأنا غارق في بحر من القلق لدرجة أني فكرت أن الموت كان ينتظرني في الزاوية. وبالكاد كنت في الثامنة عشرة من عمري في تلك الفترة. كنت شارد الذهن إلى أن أيقظتني ضربتان خفيفتان على كتفي. لقد كان الرجل الطويل الغامض الذي سبق وأثار انتباهي آنفا حيث أبعدني عن المجموعة وطلب مني مرافقته لأنه رغب في التحدث إلي.
–خوان بابلو، أنا أعلم أنك خائف من الذهاب إلى ذلك الاجتماع وأتفهم مخاوفك جيدا، وهي بالمناسبة مبررة. لكن تذكر أن رجال "كالي" متعبون من العنف ولهذا عليك استغلال هذه الفرصة والحديث إليهم وحل مشاكلك معهم بصفة نهاية. سمعت للتو أن أوردينولا أخبرك أن قرار موتك قد اتخذ وإذا لم تذهب ففي جميع الأحوال سيقتلونك. لم يتبق أمامك الكثير من الخيارات وعلى هذا الأساس سيكون من السهل إنقاذ نفسك بذهابك إلى هناك وإظهار وجهك لهم. –أشكرك على النصيحة، لكن من تكون أنت… ما دورك في كل هذا؟ –أنا خايرو كوريا، عدو والدك منذ زمن هينري بيريث (قائد لقوات شبه عسكرية في ماغدالينا ميديو). صاحب ضيعة "إلخابون" في "لادورادا" بمنطقة "كالداس". كانت لي مشاكل كثيرة مع والددك. أنا الآن في السجن ونحن نحاول ألا سيسلموننا للولايات المتحدةالأمريكية أم لا. جرى الحوار المقتضب مع خايرو كوريا في الوقت المناسب لأني رأيت نقطة ضوء في نهاية النفق فعرفت أن هناك احتمالا ضئيلا للخروج على قيد الحياة إن أن ذهبت إلى كالي. وأنا أودع خايرو عرّفني على زوجته كلاودي وواحدة من بناته القاصرات، وطلبت منهن زيارتنا في المنزل لكي تلعب الفتاة مع أختي مانويلا. عرض "بوبيي" علي مرافقتي إلى باب الخروج وبينما كنا نعبر ممرا طويلا وضيقا أخبرني أنه كان يرغب في إخباري بشيء ما: –خوان، عليّ أن أخبرك بأني كنت مجبرا على مساعدة "أوطو" لسرقة ضيعة "لا بيسيبريريا". كنت مجبرا على مساعدة "أوطو" ولو لم أفعل لكنت وقعت معه في المشاكل.