1 اوقف سيارتي عند قارعة الطريق قرب رائحة أخرى للمدينة ..قد تكون رائحة الجوع أو الإشتياق أو ربما رائحة أسلاك هاتف أذابتها دموع الحيرة ...غينيا، السنغال دارفور أثيوبيا الفلبين فيتنام رومانيا ..وحلحول ..حتى الشاورما فقدت ملامح إثنية من رائحتها لماذا توقفت هنا ؟ لأقول الى اللقاء..ولأقول كلمة لم أقلها ..أو اهمسها أو أتمتمها أو حتى أتقيأها منذ زمن.. كانت آخر مرة قلتها قبل سبع سنوات ثم انتابتني حالة حموضة مجنونة في قلبي ومعدتي الزمتني مغسلة الحمام في شارع "نحلات بنيامين*" لليال طويلة دون نوم يذكر... هذه كانت آخر مرة.. وفي المرة التي تتلوها ..ها أنا أوقف السيارة هنا..في هذه المعجنة البشرية ...أناس هائمون في كل اتجاه يبحثون عن ببارة برتقال ردمت ..أوقف سيارتي قرب حانوت لعروض البورنو التلصصية برائحة البول المعتق ...ها انت ستترك العربة وقد نفذ الوقود منها فلنقل أن العربة توقفت هنا من نفسها ..وانا على وشك أن أقول "أحبك" 2 "أحبك" وحتى إن قلتها الآن SO WHAT؟ ايعني هذا انني اقصدها بضمير وعقل كاملين متناغمين ومتوازنين ، أم أنني مجرد أريد ان اقولها لشيء ما ...أي شيء! زد على ذلك انه لا يوجد في هذه المدينة ما هو أكثر من هذا المكان بؤسا ودراماتيكية لقولها ..لن أقولها في روتشيلد انعطافة اللنبي مثلا أو في مستديرة ديزنجوف عند تمثال الماء والنار المعطل أو في محلة بازل حيث حوانيت الطعام المستورد ومحالق الكلاب وصالونات تجميلهم وبديكورهم ومنيكورهم وتحنيط خرائهم للذكرى.. بعد ثوان سأقول "أحبك" وستنهال الكوارث على رأسي ..سيفنى كل ما أعرف ..وسينفى كل من لن أعرف كما أنني لن أقولها عند طريق "سلمة" حيث أسكن قرب شرطة لواء تل أبيب والكثير من الخرائب التي لم تكتشفها بعد حوريات الترف وإن قلتها هناك قرب بيتي المداهم فهذه دعوة لا تفسير لها سوى ..استحقاقات ليل طويل وحياة... وإذا قلتها في يافا مثلا ..لا أعرف! ستلاحقني الوطاويط ليلا وستخترق نوافذي فجرا ظنا منها ان الظلمة تساكنني لوقت أطول .."كيف تجرؤ على المجاهرة بالحب في قلب وطن الخسارة"...ستقول الوطاويط.. 3 "أحبك" هي كلمة لم اقلها منذ الف عام ولم اعد أعرف ماذا تعني بالضبط؟ أهي تعني أنني سأصبح "معشوقا" وأمنح كل شيء والقي كل ذاكرتي الكلبية العذبة (بعضها )في القمامة..كيف سيسمحون لي ان اقولها ولا التزم بشيء ولا بذاتي من بعدها ..أن اعود لوحدي الى بيتي بعد ربع ساعة لألعق عسل المكائد من جديد واخطط من أجل الغد : ان أصبح رجلا انتهاكيا بامتياز وجدارة ودون جدل.. وما افضل من هذا المكان (محيط المحطة المركزية ومساكن العمال الأجانب) لحل متغيرات هذه المعادلة ... "أحبك" سأقولها ولتخفيف وقعها سأسرد كوابيس الأمس وقبل الأمس وكل هذا الشهر والدهر وما بينهما ..فقد حلمت أن أبي مات مرة أخرى وقد قمت باجترار كل ما مر قبل عامين وأكثر من فقدان في منام واحد متقن الإخراج والتنفيذ ..ثم حلمت أن إحدى نساء حياتي ماتت هي الأخرى ..فجأة وانها لم تتزوج وتنجب أطفالا في حياتها ولا في مماتها ...كما انني نسيت ان أسأل أمي في الصباح ان كانت تلك المرأة ما تزال تحيا بالفعل أم لا ..وبعد كلمة "أحبك" سأسرد ذاك الحلم الفتاك: سيهجرني ابني ويرحل مع امه الى دبي " لا اعرف لماذا دبي بالذات" وها انا أعيش الآم الفراق ووجعه الآم سمجة لئيمة كريهة.. ..سأبكي عندها وانا احكي.. 4 "أحبك" سأقولها بعد ثوان وقبل أن تغادر عربتي وبعدها ...لا اعرف ما الذي سيحصل بعدها .. من سيجلب ماذا ولمن والى اين ..من سيداهم سرير من وكم من الوقت ومتى..من سيلتقي بمن وفي أي انعطافة شوارع سلمة- هار تسيون ، سلمة- هرتسل ، يافا- انكسار البحر ...أم في محلة بازل حيث حوانيت الطعام المستورد ومحالق الكلاب وصالونات تجميلهم وبديكورهم ومنيكورهم وتحنيط خرائهم للذكرى.. ثم انه بعد كلمة "الحب" تأتي الغيرة ..أصلا الغيرة هي التي تبقى وتتخلد عوضا عن الحب..سنبقى مع كلمة "حب" ضئيلة وانهار من الغيرة دون حبكة...ثم ان بيتي قذر ومليء بشعيرات القطط وسريري مشبع بعرق القيظ..ولا قهوة في بيتي واكره النس كافية والشاي والنبيذ خارج أوقاته..كما أن امي ستتصل بعد ساعة لتسأل إن كنت ما أزال بانتظار الكارثة وهنالك نص يحتلني الآن..في هذه اللحظة ..أقف عند حافة هاويته وعلي تحقيقه ... إلى اللقاء راجي بطحيش فلسطين اسماء شوارع في مدينة تل ابيب