تبدأ الحكاية وكأنها قصة قصيرة اهم بكتابتها، في كل قصصي تقريبا، هناك مفاجات غبية، ودهشات، هناك تحولات غير مبررة، تشبه تماما ما يحدث في الحياة، لكني ساحاول ان اعد الان بان اصد بروحي وكلماتي المباشرة وجسمي تحرشات ذئب المخيلة ونسر الفن حينما يحاولان كعادتهما الرائعة التدخل لاضفاء طابع سحري او سريالي على حكاياتي الواقعية المسكينة، - ما اسمك؟ كم عمرك؟؟ وين ساكن؟؟ عصبوا عيني، ربطوا يدي بقيود بلاستيكية، ودفنوا وجهي بالتراب، كنت كلما سالتهم مالذي يجري؟ همسوا لي همسا : اشششششششششش زياد اسكت، هناك بعض الاشخاص نريد الامساك بهم، تمدد جندي بجانبي تماما، كنت اسمع انفاسه،وبين الحين والاخر كنت اسمع احايث هامسة جدا في اجهزتهم اللاسلكية، توضحت المسالة الان، هناك مطلوبون مسلحون، سيمرون بعد قليل من هذا الشارع الترابي الموحش، سيلقى القبض عليهم او سيعدمون، يا الهي، ساموت ميتة غير متوقعة ابدا، اهكذا كان القدر يرسم نهايتي بمخالبه المجرمة، سأ كون في مرمى نيران فدائيين من شعبي، سيقتلني رصاصنا، لم اتخيل ان نهاية مسيرة خطواتي و انفاسي ستكون بهذا الشكل العبثي المحزن، - هذا الطريق لا امر منه دائما، حين تجتاحني رغبة في شم طيون الجبل، وغالبا ما تجتاحني، حين احس بوحدة ما او حنين ، للطيون علاقة خاصة بي، ففضلا عن اغنية فيروز الرائعة التي لا تغادرني، هناك تجربة عاطفية مررت بها ربطتني بهذه النبتة البرية المجنونة، حبيبتي في مراهقتي، كانت دائما تطلب مني حين اطلب منها قبلة سريعة ان احضر لها مئة ورقة طيون، كنت اجتاح الجبل بهمجية كائن بليد و عطش ، انتزع لها المئة غصن واهبط الجبل لتلقمني، شفتها السفلى الممتلئة، قالت لي يومها والمطر يغسل مخيمنا واحاسيسنا : كل مئة ورقة طيون بقبلة ساخنة وعنيفة، وهكذا ا مضيت نهاراتي كلها في تلك السنين الساخنة اتنقل من تلة الى اخرى، لانال قبلات صغيرتي دون ان اسألها عن سبب حبها للطيون ،،بعد سنين طويلة اسرت لي اخت حبيبتي ان سحر كانت تغلي الطيونات، في اناء كبير، وتدهن به جلد امها الذي نهشه السرطان، بناء على تعليمات طبية قراتها في مجلة عابرة، ورخيصة - يا جندي، انا اعاني من تعب في ظهري ، هل استطيع ان اريح نومتي؟ - ششششششششش زياد اسكت اسكت اسكتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتتت - اسمع اجسام الجنود تزحف على الارض تتنقل من موقع الى اخر، واصواتهم تهمس بكلمات لغتهم التي لا افهمها، وبين الحين والاخر يدوس الجنود على قدمي او بطني، عن غير عمد ، كما احسست ، ويصفع سلك اجهزتهم الطويل وجهي وجسمي، يا جندي، يا جندي، مالذي يجري؟؟ حرر عيوني واعدك ان التزم الصمت ولا احرك ساكنا، - هشششششششششششششششششش زياد اسكت اسكت، ووجهي مغمور كله بكامل رعبه وحيرته و تفاصيله في التراب، - مضت ساعتان والجنود يتنقلون حولي زحفا من مكان الى اخر ويهمسون لبعضهم بتوتر غريب ، هل اقترب المسلحون الفلسطينيون؟؟ هل حانت نهايتي؟؟، احدهم بقي بجانبي ممددا، اسمع انفاسه بوضوح شديد، وصوت جهازه، استنتجت ان اسمه فلاديمير، فقد نادى عليه جندي اخر من طرف العتمة، فجأة اصابتني حالة غريبة، لا تنزعج عزيزي القاري ء لن اقول شعرا او سحرا، - فغمت وجهي رائحة غير معهودة للتراب الذي يعانق وجهي، يا الهي انا انام على بقايا جذور طيونة منتزعة حديثا من التراب، من الذي انتزعها؟ اعاشق اخر طلبت منه صغيرته ان يحضر لها اوراق جديدة لتعالج به مرض ابيها او اختها؟ او امها؟؟ ضغطت بوجهي على الجذور، لاغسل الخوف واضيء ظلام عيني، الرائحة التي احبها تقتحم جلدي، تسري مع دمي، ما هذه القطرات التي تبلل عيني تتسلل من تحت العصابة، لتروي الجذور؟؟ هل ابكي؟ هل انا ابكي؟؟ امعقول؟ ياه من زمان ما بكيت بهذه الحرارة، وهذا الصدق، - سحر : يا حبيبتي التي ذهبت الى الله منتحرة، ومبكرة حزنا على امها، انتظريني خلف الجبل، ساحضر بعد قليل الف طيونة، لا اريد قبلا، اريد ان ارى وجهك الصغير الحزين والغامض، اريد ان اعتذر عن شبقي الغبي، وبلاهة شفاهي، بعد قليل ستنمو طيونة جديدة، هانذا اسقيها بدموعي، فانتظري انتظري، - شكرا فلاديمير، ايها الجندي الخائف الذي يتنفس بجانبي، ويهمس لي : ششششششششششششششششششش زياد اسكت شكرا لانك تسمح لي ان ابكي لاروي طيونتي القتيلة، - الجنود ينهضون، يجروني معهم، فلاديمير يجرني، انا الاعمى التائة الذي كان يبكي قبل قليل، اتركني يا فلاديمير ارجوك، اريد او اروي طيونتي، اسقط على الارض، فيرفعني فلاديمير وهو يقول همسا:، ربع ساعة، ربع ساعة وينتهي كل شيء، بعد ربع ساموت اذن، الجنود حددوا موقع الفدائيين، وسينقضون عليهم، وسيرد الفدائيون، وساموت انا برصاص فدائيي شعبي وبلادي، - فجأة وقف الجنود ، وقفت معهم، احسست بيد احدهم تفك عصابتي، ويد اخرى تقطع قيودي بسكين، - زياد ابنك يرشقنا بحجارة كل يوم، قل له ان لا يفعل - لكني غير متزوج يا فلاديميرررر - الجنود ينظرون لبعضهم البعض ساخرين او محرجين، زياد : عليك ان تذهب الان الى البيت وتتزوج وتنجب ولدا حتى نتهمه برشق الحجارة - الى البيت يا زياد بسرعة يللاااااااااااااااااااااااااااااااااااا. أركض الى طيونتي بيتي، ارتمي فوقها ساعات ، اواصل بكائي وندمي وحبي ,ولا أعود الى البيت أبدا. زياد خداش رام الله