عبر عمله الشعري الجديد فواصل الغياب يراهن الشاعر و الإعلامي شكري البكري على الإضافة وليس الحضور على حد تعبيره،حول هذا العمل تحديدا ،وحول النشر والكتابة بأكثر من لغة وعن المواكبة النقدية للنصوص كان لنا معه هذا الحوار. أجرى الحوار: إدريس علوش 1 - "فواصل الغياب"، جديدك الشعري، إلى أي حد تريد أن يكون حاضراً في التراكم الشعري المغربي الحديث؟ - الحقيقة أن السؤال الأساس في أي عملية إبداعية هو الإضافة وليس الحضور. أي مدى يمكن لعملك الإبداعي أن يشغله في المتن العام؟ سؤال يرتبط بالمبدع لحظة الاشتغال (الانكتاب)، ويبقى رهيناً باستقرائية الناقد لحظة القراءة. فهل يتحقق ذلك؟ سؤال يرتبط هذه المرة بالتاريخ ⁄ الغربال. وعلينا أن ننتبه لنقطة مهمة في هذا السياق، هو أن الأمر لا يتعلق فقط بالتراكم الشعري المغربي، وإنما بالمتن الإبداعي والشعري العربي والعالمي بصفة عامة. فإبداعنا يتأسس على تراكم هائل، بلغات مختلفة وسماءات تخييلية وإبداعية أكثر رحابة مما هو بين أيدينا من مطبوع ومتداوَل... 2- : تبدو مقلا في النشر، ف"فواصل الغياب" تأتي بعد عقد من الزمن من نصوصك السردية "الغواية البيضاء، وبعض أسمائها"، إلى ما تعزو ذلك؟ - أجل. هناك ملاحظتان: الأولى أن المسألة مرتبطة أساساً بالنشر مثلما تفضلت. أما الكتابة فهي مستمرة، وخير دليل على ذلك أن "فواصل الغياب" يتضمن مجموعة من النصوص التي يعود تاريخ كتابتها ⁄ انكتابها إلى عقد وعقدين من الزمن. لكنني أعترف أنني مقل في الكتابة ⁄ الانكتاب. وهذا ما يقودنا إلى الملاحظة الثانية. فالعمل الصحفي اشتغال آخر وهمّ مغاير يقوم على السرعة والراهنية واللغة المباشرة التقريرية. أما الاشتغال الإبداعي فأساسه الاختمار والمخاض. وبالتالي فهناك بطاقتان "غرافيكيتان" ينبغي استبدالهما في كل مرة. هما وجهان لعملتين مختلفتين. وهنا أعود إلى سؤالك الأول لأقول إنني إعلامي، بالأساس، يحب اللعب على حبال اللغة والصورة. وهذا ما لا يتيحه لي اشتغالي الصحفي. 3- : الكتابة بأكثر من لغة، باعتبارك تكتب بالعربية والإسبانية، ماذا عنهما على مستوى المرجعية والمتخيل والصور...؟ - هذا إشكال حقيقي. فأنا لست من أفراد الجيل الثاني أو الثالث من الجالية المغربية المقيمة في الخارج. أعني بذلك أنها شريحة لديها، نظرياً، مشروعية الكتابة بلغة أخرى باعتبار ما اكتسبته من هوية. أي أنها أصبحت لغتها الأم. وهنا يطرح سؤال جوهري ووجيه: لماذا تكتب بلغة أخرى؟ شخصياً كان لدي انشغال واحد ولا يهمني إن كنت قد حققته أم لا لأنني، أكرر ذلك، مجرد صحفي يحب اللعب بأدوات الاشتغال الأدبي. ويكمن هذا الهمّ وذاك الاشتغال في كيفية إضافة شيء جديد إلى اللغة والمتخيل الإسبانيين. ماذا يمكن لكاتب غير إسباني أن يضيفه لقارئ إسباني؟ هل تعدم الآداب الإسبانية، بكل روافدها، شاعراً أو قاصاً؟ لا أظن. وإذن، كيف لي أن أضيف شيئاً، بتخييلي ولغتي العربيين، إلى المتنين الإسباني والأمريكي اللاتيني؟ ينبغي ألا ننسى هذا العنصر الذي يعتبر من أغنى عوامل الثراء في الأدب المكتوب باللغة الإسبانية. وأذكر أنّ هذا هو ما ركزت عليه في مداخلتي بمناسبة انعقاد أول ندوة دولية للأدب المغربي المكتوب باللغة الإسبانية التي عقدتها كلية الآداب ظهر المهراز بفاس عام 1994... 4- : غياب المواكبة النقدية للتراكم النصي الإبداعي، ما مرده في اعتقادك؟ - هناك عوامل عديدة لكنني قد أوجزها في ثلاث نقاط: أولا، عدم مواكبة النقاد أصلا للإنتاح الإبداعي... ثانيا، ما يشوب العملية من زبونية وعلائقية... ثالثاً، انتفاء شعور النقاد أصلا بجدوى المواكبة والمتابعة... ثم هناك نقطة رابعة لكنها أقل أهمية وتتمثل في انعدام المنابر الثقافية المتخصصة. جريدة العلم، التي كانت رائدة في المجال، أعدمت ملحقها الثقافي بإسناد الأمور إلى غير أهلها حتى أصبحنا اليوم نطلع في مواقع الإنترنيت بأن ملحقها يسطو على المتابعات دون ذكر المصدر... هزلت أو صافي... 5- : ما هو جديدك الإبداعي؟ - هناك ديوان "هياج الريح، وأشياء أخرى" باللغة الإسبانية بصدد الطبع بإحدى دور النشر الغرناطية...