أكثر ما كان مثيرا في بلاغ الديوان الملكي، ليوم الأحد الماضي، ليس هو إشارته إلى مرض الملك بالتهاب فيروسي، كون المغاربة تعودوا على بلاغات مماثلة لا يقل عددها على الأقل عن سبعة بلاغات تتحدث عن مرض الملك -شافاه الله-، لكن المثير في البلاغ إشارته إلى أن محمد السادس كان يستعد للانتقال إلى فرنسا من أجل تعزية أسرة الرئيس الفرنسي الراحل جاء شيراك. هذا الأمر أثار الكثير من التساؤلات، على رأسها هل كان الملك محمد السادس ينوي أن يكسر التقاليد المخزنية المرعية ويحضر جنازة شيراك، علما أن ملوك الدولة العلوية لا يحضرون الجنائز؟
ورغم أن مختلف التحليلات ذهبت إلى أن الملك محمد السادس غاب عن جنازة صديقه جاك شيراك بسبب المرض، إثر إصابته بفيروس في الرئتين، غير أن القنوات العالمية التي ركزت على الغياب لم تشر إلى أن التقاليد المخزنية في المغرب تمنع الملوك العلويين من حضور الجنازات.
فقد سبق للملك محمد السادس أن تحدث بنفسه عن هذا التقليد الصارم لدى العلويين، عندما قال في حوار صحافي أدلى به لجريدة "إلباييس" الاسبانية سنة 2005: "... تقاليدنا لا تسمح للملك بحضور مراسم الزفاف أو الجنازة بالخارج".
ولم يشهد التاريخ أن حضر محمد السادس جنازة وهو ملك، علما أنه تعود على حضور الجنازات وهو ولي للعهد، وتعود المرة الوحيدة التي حضر فيها جنازة بشكل رمزي إلى يوم 4 شتنبر 2011، عندما استقبل موكب جنازة عمته للا عائشة في قصر الرباط، غير أنه لم يذهب للصلاة عليها أو حضور مراسيم دفنها.
و على غرار جنازة جاك شيراك، فقد سبق للملك محمد السادس أن تخلف عن حضور جنازات مجموعة من الملوك والرؤساء المقربين منه، على رأسها جنازة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز سنة 2015، وقبل أسابيع جنازة الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي.
ومثل الأمير مولاي الحسن والده محمد السادس في جنازة شيراك، وهو الذي يبلغ من العمر 17 سنة فقط، حيث ظهر في تناغم تام مع صرامة البروتوكول، وكان مرفوقا بوزير الخارجية ناصر بوريطة، وظهر وهو يقدم واجب العزاء للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وزوجته بريجيت.
وركزت القنوات التلفزيونية العالمية بشكل كبير على الأمير مولاي الحسن بوصفه أصغر المعزين في الجنازة التي حضرها كبار زعماء العالم، على رأسهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأمريكي ترامب، كما أن ولي العهد حظي أيضا بسلام حار من الرئيس ماكرون يعكس صداقة الرئيس الفرنسي مع العائلة الملكية في المغرب، وقوة العلاقات بين البلدين.