في الخامس والعشرين من أبريل المنصرم انفردت أسبوعية "الأيام" بنشر حوار مع "بييريت" أرملة محمد امجيد، الرئيس السابق للجامعة الملكية المغربية للتنس التي وافتها المنية الاثنين الماضي في حادثة سير مميتة أثناء ممارستها لرياضة المشي. "بييريت" كانت فتحت قلبها للصحافية نجاة أبو الحبيب ووضعت بين يديها غيضا من فيض من الأسرار والذكريات مع زوج ذاق مرارة الاعتقال إلى أن رحل عن هذا العالم عن سن الثامنة والتسعين.
هل واجهتك صعوبات بسبب هذه العلاقة؟
تمت دعوتي مرات عديدة إلى مقر الأمن وكان يتم استنطاقي، كيف كنت أنا الفرنسية ارافق شابا مغربيا كان معروفا بمواقفه المناهضة لاستعمار بلده، لكن لم تتمكن هذه التهديدات من النجاح في التفريق بيننا رغم العديد من المحاولات لحثي على التخلي عن علاقتي بامجيد، لكن ذلك لم يكن يزيدها إلا قوة ومتانة.
كيف استقبلت أسرتك قرار زواجكما؟
لم تبد أسرتي موافقتها على اقتراني بمحمد امجيد في البداية، فوالدي توفي في نهاية الحرب العالمية الثانية، أما والدتي فكانت قد عارضت فكرة مجيئي للعمل بالمغرب، لكن من حسن حظي أنها كانت تعرف شخصا فرنسيا كان ابنه يعمل في مجال الصحة العمومية، وحين استشارته في أمري، شجعها على السماح لي بالسفر، ومن حسن حظي أيضا أنه كان صديقا للدكتور الجراح الذي اشتغلت معه في مستشفى آسفي، وهذا المستشفى تحول إلى مركز صحي، بعد أن تم إنشاء مستشفى جديد هو مستشفى محمد الخامس.
أقمنا في مدينة آسفي حتى شهر نونبر من سنة 1957، ثم انتقلنا إلى مدينة الرباط بحكم عمله التابع لوزارة الصناعة التقليدية، وكنت حينها قد أنجبت طفلتي البكر "أسماء" فيما أنجبت ابني كريم في الرباط في شتنبر سنة 1959، وفي شهر أكتوبر من نفس السنة، جئنا للإقامة في الدارالبيضاء، وكان امجيد حينها يشتغل كمسؤول تسيير في القاعدة الجوية الأمريكية، قبل أن يعمل لسنوات طويلة في المندوبية السامية لللاجئين حتى أصبح تقدمه في السن لا يساعده كثيرا في هذه المهمة.
لماذا توقفت عن ممارسة عملك كممرضة؟
توقفت عن ممارسة عملي كممرضة قبل يوم فقط من حدوث زلزال أكادير في تاسع وعشرين فبراير 1960، ولكن هذه المأساة جعلتني ألتحق من جديد بعملي داخل المستشفى كمتطوعة، كان هناك العديد من الجرحى الذين نجوا بأعجوبة من هذه الكارثة، وكانت هذه من أصعب اللحظات التي عشتها في عملي.
وكنت قد اخترت أنا وامجيد أن أتوقف عن العمل نظرا لمسؤوليتي كأم عليها أن تعتني بطفلين، خاصة وأن العمل بغرفة العمليات كان يتطلب توقيتا صارما وتدخلا مستعجلا، بحيث عملت أحيانا طيلة الليل خاصة حينما كنت في الرباط.
طبعا، كنت أحن لمهنتي، لكن امجيد والأطفال ملأوا على حياتي بسرعة، ولم يتركوا للفراغ مجالا يجعلني أفكر في عملي الذي تخليت عنه من أجلهم، لم أكن أشعر بالملل، لكن لو حدث ذلك معي اليوم في حياتي الحالية، لكنت شعرت كثيرا بالملل بكل تأكيد.