أصبحت التنمية في الوقت الحاضر من أقوى اهتمامات الدول بعد الاستقرار والدفاع عن الأوطان. ويعود هذا إلى تطور الممارسة الديقراطية واهتمام الشعوب ومعها النخب بتحسين أحوال المجتمع خصوصا فئاته الهشة وشبابه والمناطق النائية والمعزولة. اهتمام اليسار السياسي بالعدالة الاجتماعية، ونمو حركات التحرر في دول الجنوب التي كانت ترى في المد الاستعماري وسيلة لنهب وتفقير الشعوب وعامل تخلفها، ونمو حركات ليبرالية وسطية في أوربا وأمريكا تهتم بتحسين أوضاع الشعوب في إطار تشجيع الرأسمال والاستثمار، وظهور منظمات دولية متعددة الأطراف تهتم بقضايا الفقر والعدالة والتنمية--كل هذه العوامل جعلت من التنمية مصدر القاعدة المفاهيمية للسياسات الاقتصادية والاجتماعية على الأقل منذ النيوديل (قبل الحرب العالمية الثانية) ومخطط مارشال (بعدها)، مرورا بدولة الرفاه، والتقويمات الهيكلية لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وتقارير الترتيب على سلم التنمية البشرية الأممية، ووصولا إلى مقولات الديمقراطية التشاركية وإشراك المواطن في التنمية في القرن الواحد والعشرين. والزخم المفاهيمي لخطاب التنمية يجد مصدره في تعدد وتوالي النظريات التي حكمتها رؤى معينة للمجتمع العادل أو الفاضل أو المثالي. وفي الحقيقة فإن المجتمعات المثالية أرقت المفكرين والفلاسفة منذ أفلاطون مرورا بالفارابي وتوماس مور وارنيست بلوخ وباختين وغيرهم. في كتابه "الجمهورية" (380 قبل الميلاد) يقول أفلاطون إن العدل يتحقق حين تلتزم كل طبقة بدورها--الحكام يحرسون، والمساعدون ينفدون والمنتجون ينتجون-- ويتولى شؤون الحكم الملوك-الفلاسفة ويتم إبعاد الشعراء؛ أما الفارابي في كتابه "آراء أهل المدينة الفاضلة" (943 ميلادية)، فعدد الصفات المطلوبة في رئيس المدينة من حكمة وخلق وعقل ووجاهة نظر وقدرة على معالجة الأمور وغيرها من الأمور التي نجدها في أدبيات مهارات وسلوكات المقاول الناجح في العصر الحديث؛ أما توماس مور فإن كتابه "اليوتوبيا" (1516 ميلادية) هو عبارة عن جزيرة خيالية لا ملكية خاصة فيها، وتعتمد على الفلاحة وواجب تعلم النسيج والتجارة والبناء، حياتها بسيطة ويحكمها العلماء الذين يتم اختيارهم منذ الفصول الأولى للتعليم ويشتغل فيها العبيد (المجرمون أو من أتوا من بلدان أخرى والذين يتم تحويلهم إلى عبيد) كخدم في البيوت. أما باختين، مؤرخ وناقد الأدب الروسي فقد رأى في عوالم رابليه وبوكاتشيو الاحتفالية والإباحية نقدا للبورجوازية الأوربية الصاعدة وبديلا طبقيا متخيلا للوضع القائم (كما بينت ذلك في مقالي بالانجليزية "يوتوبا باختين المتخيلة" والصادر في 1992 بالمجلة الأمريكية "النقد الثقافي"). في "مبدأ الأمل" (ثلاثة أجزاء بالألمانية 1954-1959) يقول المفكر الماركسي الألماني، إيرنيست بلوخ، بأن دافع الأمل متجدر في الفن والفلسفة والدين والأدب وهو أساسي لبناء مجتمعات عادلة (انظر لحسن حداد، "الحكي، الرغبة والتاريخ، جامعة إنديانا، 1993 بالإنجليزي).
وقد أثرت النظريات في تفكير الساسة والمخططين ورواد المشاريع بل وأن الكثير تشبعوا بها وحاولوا العمل على تجريب البعض منها على أرض الواقع. استلهم البعض أفكار كارل وماركس وانجلز ولينين وماو خصوصا مقولة ماركس التي تقول بأن الرأسمال هو نتيجة لتراكم فائض القيمة الذي ينتجه العمال ويحتكره الرأسماليون بدعوى أنه ربح وضرورة إرجاعه إلى أصحابه لتحقيق العدالة المنشودة.
أثرت الكينزية في التأسيس لدولة الرفاه حيث أن فكرة تدخل الدولة التي قال بها ماينارد كينز (والتي طورها في الثلاتينات من القرن الماضي) من أجل الحد من التضخم (حين يتطور الطلب) أو من أجل تجاوز فترة الكساد والأزمة (حين يتقلص الطلب) هي التي أثرت في السياسيات الاقتصادية للدول الأوربية منذ الحرب العالمية الثانية حتى صعود مارغريت تاتشر الى الحكم في المملكة المتحدة سنة 1979. تاتشر وريغن انتصرا لاقتصاد السوق ومقولة "التنمية من فوق" (انظر مقال تيريزا أموت وجول كريغر بالانجليزية "تاتشر، ريغن: نظرية الدول والنظام 'الهيبررأسمالي'" والتي تم نشرها في 1982 في مجلة "علم السياسة الجديد" الأمريكية) ومقال أندري كوندر فرانك، "ماذا بعد الريغانية والتاتشرية: من نظرية كينز المبنية على الطلب عبر اقتصاد العرض إلى التخطيط المقاولاتي للدولة" بالانجليزية والذي تم نشره بمجلة "الماركسية الحالية" في 1981-1982) أي أن النمو يحصل حين يتم إطلاق العنان لاقتصاد السوق عبر تخفيض الضرائب على الرأسمال (انظر اتكيسون وشارب وكيهر "وضع الضرائب على الرأسمال: فكرة سيئة" في مجلة البنك الاحتياطي الفدرالي لمينيابوليس 1999 بالانجليزي) وعلى الأرباح فيتم دعم الاستثمار وتعرف ديناميات السوق دفعة قوية لتعود بالنفع على المجتمع عبر فرص الشغل والإنتاج وخلق الثروة وهكذا دواليك.
نظريات الاقتصادي الهندي أمارتيا سين (الحائز على جائزة نوبل في الاقتصاد سنة 1998) حول نظرية التنمية البشرية ومقولة تنمية الكفايات كأساس لمحاربة الفقر وتحقيق الرفاه (انظر كتبه السلع والكفايات، 1988، التنمية كحرية، 1999، فكرة العدالة، 2009) شكلت القاعدة النظرية للمقاربة المعتمدة على مستوى البنك الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى المهتمة بالتنمية ومحاربة الهشاشة والفقر.
هذا لا يعني أن كل المقاربات تتبنى إطارا نظريا معينا ولكن التوجه العام لهندسة التنمية على المستوى الدولي غالبا ما تتأثر بالأطروحات المنهجية والتحليلية التي تضعها النظريات المتوالية في إطار التوجه العام نحو التحديث الذي تعرفه جل المجتمعات منذ حوالي قرن من الزمن.
كتابي حول "التنمية في زمن ما بعد الإيديولوجيا" يناقش في بابه الأول مفهوم التنمية ونظريات التنمية في حد ذاتها وفي بعدها التاريخي، ويحلل بعض التجارب الفاشلة والتجارب الناجحة للتنمية (انظر لحسن حداد، "التنمية.. نماذج لمقاربات ناجحة وفاشلة عبر العالم"، آذار، دجنبر، 2017) لاستلهام العبرة منها في الأجزاء الموالية والتي تخص المغرب على وجه التحديد. وهذا يدخل في إطار مشروع أكبر يتوخى استلهام التجارب والأفكار من أجل صياغة مقاربة تنموية متجددة في المغرب والعالم العربي وإفريقيا.
الخيط الرابط في هذا الجزء النظري والتاريخي من الكتاب هو أن خطاب التنمية لم يكن بعيدا عن الانساق الاجتماعية والسياسية التي تطور في ظلها وبقي لصيقا بالتجاذبات الإيديولوجية والصراعات على السلطة والصراعات ذات البعد الدولي مثل الحرب الباردة وحركات التحرر الوطني والثورات الكبرى في روسيا والصين وكوبا ومصر والفيتنام وهنغاريا والتشيك والنيكارغوا وإيران وبولونيا ورومانيا وغيرها...وتأثر خطاب التنمية بمقولات سياسية واقتصادية تتعلق بمدى تدخل الدولة ودور اقتصاد السوق والتحكم في وسائل الإنتاج وتنمية كفايات الأفراد والمجموعات وغيرها (انظر لحسن حداد، "نظريات التنمية وعوامل اللاتنمية"، اليوم 24، فبراير 2018 و "التنمية وسلطة الإديولوجيا" أرتيكل 19، يوليوز 2018 و "أسئلة التنمية الفلسفية والسوسيولوجية والنظرية" أذار، يوليوز 2018).
والمفاهيم النظرية أساسية لتقييم التجربة المغربية خصوصا بعيد الاستقلال حيث خيمت الصراعات على السلطة على الاختيارات التنموية لكل من الحركة الوطنية من جهة والأحزاب الموالية للدولة من جهة أخرى. ف فترة مابعد الاستقلال تم اختزال النقاش حول التنمية عبر الإصلاح الزراعي نظرا لأن حوالي 80 % كانوا آنذاك يسكنون البوادي ويعتمدون على الفلاحة ولأن البوادي بأعيانها وزواياها وقيادها وثقافتها وقوتها الاقتصادية كانت على مر العصور مصدر قوة سياسية وخزان لشرعية ومشروعية الحاكمين. التعثر الذي عرفه المغرب في القيام بإصلاح زراعي حقيقي وتجاوز ثنائية فلاحة تقليدية/ فلاحة عصرية فوت على المغرب فرصة دعم دور البوادي في النهضة الاقتصادية المنشودة وعجل بمسلسل الهجرة إلى المدن وأدى إلى هروب الرأسمال البشري من العالم القروي وساهم في تدهور المنظومة الإيكولوجية في الأرياف المغربية (انظر، دريس و ديمون وبيرك وماثيلو، "الاصلاح الزراعي بدول المغارب: ندوة حول الإصلاح الحقيقي 1964 بالفرنسي وبودربالة، الشرايبي وباسكون، المسألة الزراعية بالمغرب 1974 بالفرنسي، و آن ماري جوف خمسون سنة من الفلاحة بالمغرب 2002 بالفرنسي كذلك؛ انظر كذلك لحسن حداد، الناشيء والمتبقي: تحولات البنيات الاجتماعية التقليدية، القبيلة نموذجا، 2001، بالفرنسي).
ومع ذلك تبقى الجهود التي تمت على مستوى وضع أسس دولة مركزية قوية، وسياسة السدود، والحفاظ على التوازنات الاقتصادية، ودعم دور الجامعة، و حرية التقاول ودور القطاع الخاص وربح رهان الخوصصة، (انظر لحسن حداد، "النموذج التنموي المغربي.. فترة ما بعد الاستقلال" كفى بريس، دجنبر 2017( كلها ساهمت في تمتين أداء الدولة والمجتمع وعبدت الطريق للإصلاحات الجريئة التي تم اعتمادها فيما سمي ب"العهد الجديد".
إصلاحات "العهد الجديد" غيرت وجه المغرب بطريقة لم نشهدها لا في فترة الحماية ولافترة الاستقلال. إصلاحات جريئة على جميع المستويات جعلت المغرب يضاعف من أدائه الاقتصادي وينوع مصادر الثروة ويقلص من الفقر ومن الفوارق بين الذكور والإناث في الولوج إلى التعليم ويخفض البطالة ويرفع من تنافسية المقاولات وأن يجعل الحقل السياسي أكثر انفتاحا ويكرس دولة الحق والقانون...(انظر ايتي تيريم، نصوص قديمة، ممارسات جديدة: الإصلاح السياسي في المغرب المعاصر، 2014 بالانجليزي، و عقد من الإصلاحات بالمغرب، 2009 بالفرنسي، و عبد الإلاه السطي، الملكية البرلمانية وبراديغم الانتقال الديمقراطي: مقاربة لأسئلة الإصلاح السياسي والدستوري في المغرب، 2017 ولحسن حداد، "التنمية في عهد الإصلاحات الكبرى (2000-2015): الإنجازات، المغرب توداي، دجنبر 2017 و "التنمية في عهد الإصلاحات الكبرى: التحديات، أخبارنا، دجنبر، 2017).
أطروحتي هنا هو أن الإصلاحات أعطت ثمارها وأدت إلى توسيع الطبقة الوسطى لتشمل من غادروا منطقة الفقر ولكنهم بقوا قريبين منها بمداخيل لا تتعدى 3000 إلى 4000 درهما شهريا للأسرة الواحدة ولكن آفاقهم كبرت ومعها انتظاراتهم فيما يخص السكن وتربية الأولاد والسيارة والشغل والسفر والولوج إلى الجامعة وغيرها... الإمكانيات محدودة والانتظارات كبيرة وهذا ما ولد نوعا من الإحباط العام لدى فئات عريضة من الطبقة الوسطى الدنيا انضافت إلى الإحباط الذي تحس به شرائح مهمة من الطبقة الوسطى المتوسطة (انظر المندوبية السامية للتخطيط، الطبقات الوسطى المغربية، 2009. انظر كذلك لحسن حداد، "أية مقاربة ناجعة لدعم قدرات الطبقة الوسطى في المغرب"، العمق المغربي، يونيو 2018).
في الباب الثاني أتعرض بتفصيل لهذه القضايا، أي إنجازات وتحديات التنمية في مغرب ما بعد الاستقلال ومغرب "العهد الجديد." ما هو أساسي هو أن المغرب عرف تطوارت مهمة اقتصادية وسياسية واجتماعية جعلته أكبر قدرة على تحقيق التنمية والتغلب على الفقر والأمية والبطالة ولكنه لم يلتمس بعد طريقه لولوج نادي الدول الصاعدة، أي تحقيق نسبة نمو عليا تجعله يقفز قفزة نوعية إلى الأمام في غضون عقد أو عقدين من الزمن. أتوقف عند المعيقات التي تحول دون هذا التطور خصوصا على مستوى الحكامة بشكل عام، وغياب الاستثمار في اقتصاد المعرفة وتعثر إصلاح التعليم وغياب سياسة شبابية واضحة المعالم والتردد فيما يخص الإصلاحات السياسية التي تؤمن التقعيد لدولة ديمقراطية مبنية على مباديء واضحة فيما يخص السلطة والحق والقانون...
لهذا أتوقف في الباب الثالث عند الأسس السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنموذج التنموي المنشود. وهنا أطرح ثلاثة أنواع من الإصلاحات. أولا، ضرورة المرور إلى السرعة القصوى فيما يخص إصلاح التعليم وأشدد هنا على توخي الصرامة ووضع نظام ناجع للحكامة مبني على المسؤولية والمحاسبة وضمان انخراط الأساتذة والتلاميذ والآباء والمنتخبين والمجتمع المدني والقطاع الخاص في القضية التربوية على المستوى المحلي، والتركيز على الكفايات والتعلم والإنجاز والجودة، وضمان استمرارية الإصلاح رغم تعاقب الحكومات (انظر مقالي: لحسن حداد "من أجل ثورة حقيقية ومقاربة عميقة لإصلاح التعليم بالمغرب"، كواليس، ديسمبر 2016، و"من أجل تقويم وإصلاح ناجع للمنظومة التربوية في المغرب: الأمل ممكن"، آذار، أبريل، 2018).
ثانيا، ضمان تغطية صحية للجميع وولوج محسن للعلاج لكل الفئات. وهذا لا يتأتى إلا بإبداع طرق جديدة لمعالجة الاستشفاء والرفع من قدرة وإمكانيات مرافق القرب وضمان احترام تراتبية الولوج ووضع أنظمة لتتبع المستعجلات على المستوى الإقليمي والجهوي ووضع مرافق جامعية جديدة بمواصفات عالمية وضمان انخراط الموارد البشرية ووضع سياسة ناجعة للتدخل السريع لمواجهة الأوبئة. النتيجة يجب أن يكون منظومة صحية تتوخى جودة الخدمة ممولة بشكل مبتكر وتتوفر على الوسائل اللازمة وتغطية شاملة تضمن ولوجا للكل إلى الدواء ومراكز الاستشفاء (انظر لحسن حداد، "أي استراتيجية لتحسين الولوج للخدمات الصحية بالمغرب"، العمق المغربي، ماي 2018).
ثالثا، ضرورة المرور إلى جيل جديد من الإصلاحات السياسية تؤسس لانتقال ديمقراطي حقيقي يحدد سلطات كل المؤسسات بشكل واضح، ويضمن مشاركة أكثر للمواطنين في العملية السياسية، ويقوي قدرة الأحزاب والمجتمع المدني ويؤسس لمرحلة جديدة من تطور دولة الحق والقانون. التجربة المغربية غنية ورائدة ولكنها تحتاج إلى دفعة جديدة للانتقال إلى نظام يعتمد على المسؤولية الواضحة والمحاسبة وتقوية دور المؤسسات وإسماع صوت المواطن وضمان حرية الرأي والتعبد والعقيدة والتجمع في إطار احترام القانون وضرورة الجمع بين الحقوق والواجبات. الانتقال إلى نظام ديمقراطي حقيقي من شأنه أن يؤسس لنسق تسوده العدالة والحرية والكرامة وهي كلها كفيلة بخلق البيئة المواتية لضمان تنمية تضع المواطن في صلب المعادلة (انظر لحسن حداد، "الديمقراطية في مفترق الطرق: نحو جيل جديد من الإصلاحات السياسية في المغرب"، الأيام، يونيو، 2018).
شروط التنمية هذه هي التي ستسمح للمغرب أن يمر إلى مرحلة جديدة من التنمية الاقتصادية والاجتماعية كفيلة بالتجاوب مع انتظارات المواطن فيما يخص الشغل والسكن والتكوين والترفيه والثقافة. والمقاربة يجب أن تكون مبتكرة، متجددة ومتطورة مع تطور المجتمع. في الباب الرابع والأخير أتطرق بتفصيل إلى هذه المقاربة والتي تعتمد على ستة محاور: أولا، توسيع وسط المجتمع عبر إدماج ناجع لهامشه وذلك عبر اعتماد تحويلات مباشرة مشروطة للفقراء تديرها النساء والاستثمار في التكوين والرفع من القدرات والأنشطة المذرة للدخل وضمان نجاعة وفعالية التغطية الصحية ووضع نظام فعال لتتبع عملية الخروج من الفقر (لحسن حداد، "الأسس الاجتماعية للنموذج التنموي المتجدد: محاربة الفقر والهشاشة"، أرتيكل 19، يونيو 2018).
ثانيا، تمكين متواصل لوسط المجتمع الحالي عبر الاستثمار في الشرائح الدنيا والوسطى من الطبقة المتوسطة وذلك عبر تشجيعات نقدية تهم السكن وولوج الأبناء للجامعة واقتناء السيارة والسفر والترفيه (لحسن حداد، "أية مقاربة ناجعة لدعم قدرات الطبقة الوسطى بالمغرب"، العمق المغربي، يونيو، 2018). ثالثا، خلق قيمة مضافة متجددة عبر بناء منظومة معرفية متكاملة وذلك عبر وضع استراتيجية للعلوم والتكنولوجيا والاختراع وإنشاء العشرات من الجامعات ومراكز البحث والتكنولوجيا ووضع صناديق لدعم البحث والتنمية ودعم الابتكار وتشجيع الحصول على براءات الاختراع ومراكز البحث والاستثمار ودعم التقاول والشركات الناشئة وخلق البنية التحتية المناسبة للاختراع والعلوم والتكنولوجيا (لحسن حداد، "ضرورة وضع استراتيجية وطنية للتكنولوجيا والعلوم والاختراع بالمغرب، إيكوأكتو ماي، 2018 بالفرنسي).
رابعا، عصرنة الإنتاج التقليدي في العالم القروي عبر التركيز على الفلاح الصغير والضيعات الصغرى ودعم خلق التعاونيات وتشجيع الحصول على العلامات بالنسبة للمنتوجات المحلية للضيعات الصغيرة، وتنويع مصادر الدخل في الأرياف عبر الاستثمار في وضع بنية تحتية ملائمة للصناعة التقليدية والسياحة والتجارة والخدمات في الوسط القروي (لحسن حداد، "أي سياسة فلاحية مستدامة وخالقة للثروة في مغرب الغد؟" العمق المغربي، يونيو 2018).
خامسا، وضع سياسة تستهدف إدماج الشباب والرفع من كفاءاته وإشراكه في إيجاد الحلول والاستثمار في القطاعات التي تخلق الشغل وتنمية الحس المقاولاتي ودعم التكوين المشغل ورفع القيود الإدارية على المقاولات وإيجاد وسائل مبتكرة لتمويل المقاولات الصغرى. (لحسن حداد، "أية سياسة لدعم قدرات الشباب في مغرب اليوم والغد؟" آذار، يونيو، 2018).
سادسا، اعتماد مقاربة "إشراك المواطنين" عبر وضع قوانين وسياسات تجعل المواطن في قلب اختيارات أولويات التنمية، وجعله ينخرط في جميع مراحل وضع المشاريع وتتبعها ووضع آليات للتشاور والتتبع واتخاذ القرارات وذلك في إطار دعم الديمقراطية المباشرة لتكون مكملة للديمقراطية التمثيلية المعتمدة لحد الآن. (لحسن حداد، "الديمقراطية المباشرة وإشراك المواطنين: المقاربة الجديدة للتنمية"، الأيام، يونيو، 2018).
الأطروحة التي اعتمدتها في هذا الكتاب هي أن المغرب له مؤهلات كبيرة وخطى خطوات كبرى في طريق التنمية ولكن على كل الفرقاء أن يبتكروا طرقا جديدة أكثر نجاعة وأكثر فعالية للتغلب على الفقر والأمية والهشاشة وضعف التكوين والبطالة وتدني إمكانية الولوج للخدمات، والإحباط لدى الشباب والطبقات الوسطى من جهة، واعتماد سياسات اقتصادية تحقق التنمية الكفيلة بخلق الثروة والشغل وإعطاء الأمل للأجيال المقبلة فيما يخص تحقيق ذواتهم في مجتمع عادل، حداثي وديمقراطي من جهة أخرى. وهذا يتطلب حشد كل الطاقات واعتماد سياسات صارمة وإعمال مناهج التدبير الاستراتيجي والتتبع الفعال ووجود كفاءات على مستوى الدولة والإدارة والأحزاب والمجتمع لاستشراف المستقبل والعمل على التأثير فيه لكي يكون أحسن وأكثر ازدهارا ومصدرا للكرامة والفخر بالنسبة لكل المواطنين.