تجري حركة غير عادية لتحرك المياه الراكدة داخل قبة البرلمان بخصوص موضوع نظام معاشات البرلمانيين الذي أثار جدلا على المستوى السياسي والشعبي. ففي الوقت الذي تحاول فيه أحزاب ممثلة داخل البرلمان الدفاع عن وجهة نظرها والحفاظ على موقفها سواء من موقع الأغلبية أوالمعارضة، تتلقى أحزاب أخرى سهام نقد لاذعة بسبب التراجع عن موقفها خاصة حزب "العدالة والتنمية" الذي "انساق" وراء الأغلبية من أجل إصلاح معاشات البرلمانيين وليس إلغائه.
في المقابل، أكد حكيم بن شماش، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، أن موقفهم "مبدئي" بخصوص إلغاء تقاعد البرلمانيين، حيث يتماهى مع موقف فيدرالية اليسار الديمقراطي المتشبث بإلغاء صندوق التقاعد. وبين هذه المواقف المتباينة، يبقى النقاش مفتوحا بين المصادقة بالإجماع على نظام جديد يهم معاشات البرلمانيين، وبين قانونية المعاشات وتعارضها مع دستور2011 . رشيد لزرق المختص الدستوري قال في حديث ل"الأيام24"، أنه تم التطرق لموضوع معاشات البرلمانيين بإسهاب وطرح نقاشا كبيرا ولكن ذلك بدون أسس علمية، بل و تم تحوير النقاش في اتجاه منحى يروم المزايدة والإثارة، مبرزا أنه يمكن أن يكون هناك تواطئ و ليس توافق يحاول خلاله البرلمانيين تمرير قانون معاشاتهم الذي يعد غير دستوري.
وأوضح المتحدث بأنه في الوقت الذي كان مأمولا فيه خلال الولاية الحكومية السابقة الانكباب على تحيين القوانين و ملاءمتها مع دستور 2011، ظلت النخب السياسية تمتهن المزايدة، مضيفا أنه لو كانت عندنا نخبة برلمانية مسؤولة لكانت جعلت من هذا القانون أول القوانين التي تستحق التحيين والملاءمة مع الدستور ، عبر الإنطلاق من ذاتها، فقانون المعاشات يتعارض مع نصوص واضحة و صريحة في الدستور، يؤكد لزرق.
وأضاف أن العضوية في البرلمان صفة وليست وظيفة، مشيرا أن التكييف القانوني للعضوية في البرلمان هي صفة وليست وظيفة أو مهنة كباقي المهن، وبالتالي ما يتقاضاه البرلماني هو تعويض وليس راتبا أو أجر، و عليه فإن التعويض لا يستوجب المعاش، وتابع إن تمثيل الأمة هي علاقة سياسية بين البرلماني و بين الشعب و ليست علاقة تعاقدية، أو نظامية تستوجب الأجر و ما يتقاضاه البرلماني هو تعويض فقط لأنه يفقد راتبه في مهنته الأصلية طوال فترة انتدابه حيث يخصص البرلماني جل وقته بالانشغال بالتشريع والمراقبة.
أما من الناحية المالية، يؤكد المحلل السياسي، فإن الصندوق المخصص لأداء معاشات البرلمانيين عرف اختلالات أدت به إلى الإفلاس لكون طريقة احتسابه تفترض أن عدد المشتركين ينبغي أن يكون أكبر من عدد المتقاعدين، مما وضع مسألة المعاشات أمام إفلاس لكون مجموع الاشتراكات لم يعد بمقدورها تغطية معاشات تقاعد جميع البرلمانيين الذين غادروا المجلس.