تواصل الجارة الشرقية للمملكة تسخير مؤسساتها الدبلوماسية والسياسية والرياضية، لخدمة الأطروحة الانفصالية ودعم جبهة "البوليساريو"، بعد الحرج الكبير الذي وجدت نفسها فيه عندما جددت إدارة دونالد ترامب، الثلاثاء 08 أبريل الجاري، التأكيد على موقفها الثابت والمؤيد لمخطط الحكم الذاتي الذي تقترحه الرباط لحل نزاع الصحراء في إطار السيادة المغربية.
فبعد البلاغ الصادر الأربعاء الفائت عن الخارجية الجزائرية، والذي أعربت فيه عن أسفها ل"هذا الموقف الصادر من قبل عضو دائم في مجلس الأمن يفترض فيه الحرص على احترام القانون الدولي بشكل عام وقرارات مجلس الأمن بشكل خاص"، ثم الموقف المماثل المعبر عنه من قبل مجلس الأمة الجزائري وبعض الأحزاب المقربة من السلطة، جاء الدور هذه المرة على المجلس الشعبي الوطني، الذي سجل، بدوره، في بلاغ له نشره اليوم الجمعة، "أسفه العميق" من فحوى التصريح الصحفي الصادر عن كتابة الدولة الأمريكية.
الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري، المفروض فيها، كما يحدد ذلك دستور البلاد، التشريع ومراقبة عمل السلطات العمومية الجزائرية وليس التدخل في شؤون باقي الدول؛ اعتبرت أن موقف إدارة ترامب الداعم لمغربية الصحراء "لا يحقق الانسجام مع المواقف الأمريكية السابقة القائمة على قيم السلام والحرية والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها".
في السياق، يلاحظ أن قوة موقف واشنطن التي بدت حاسمة في التعامل مع هذا الملف، أرغمت حكام "قصر المرادية" والمؤسسات الموالية للنظام على اعتماد قاموس لغوي مخالف تماما لذلك الذي دأبوا على استعماله في دفاعهم عن السردية الانفصالية ومهاجمة القوى الداعمة لمخطط الحكم الذاتي في الأقاليم الجنوبية للمملكة باعتباره الحل الوحيد والدائم للنزاع، بل كانوا أكثر حذرا خشية إثارة غضب ساكن "البيت الأبيض"، في ظل السعي الجزائري الحثيث إلى التقارب مع إدارة ترامب في ولايتها الثانية.
ففي ردودها السابقة، تبنت الجزائر خطة تصعيدية مع كل من إسبانيا وفرنسا عندما أعلنتا اعترافهما بمغربية الصحراء، وصل حد سحب السفير الجزائري من البلدين، مع تعليق التعاون الاقتصادي وفي مجال الهجرة، قبل أن تعدل عن كل ذلك عقب معركة كسر عظام فاشلة، خرجت منها خاوية الوفاض، دون كسب تنازل لا مدريد ولا باريس.
يذكر أنه في لقاء جمعه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، الثلاثاء بواشنطن؛ جدد وزير خارجية أمريكا ماركو روبيو "اعتراف الولاياتالمتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء، ودعمها لمقترح الحكم الذاتي المغربي الجاد والموثوق والواقعي، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع".
وأعلن الناطق بإسم وزير الخارجية الأمريكية، في بيان نشره موقع الأخيرة، أن "الولاياتالمتحدة لا تزال تؤمن بأن الحكم الذاتي في ظل السيادة المغربية هو الحل الوحيد الممكن لحصل النزاع"، وأوضح أن الرئيس دونالد ترامب حثّ الأطراف على الانخراط في مناقشات دون تأخير، باستخدام مقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد للتفاوض على حل مقبول للطرفين، لافتا إلى أن الولاياتالمتحدة ستُسهّل التقدم نحو هذا الهدف.