الأمر لا يحتاج إلى ذكاء كبير، فقط أحسب كم يملك هذا الوطن من أشباه أبطال ونجوم؟!
أنت تعلم أن هناك مئات "الأبطال" والنجوم في قنوات اليوتوب والفضائيات والمواقع الالكترونية وفضاءات التواصل الاجتماعي. وتعلم أنهم منتشرون في كل مجال، يحدثونك بنفاق عن الوطنية والحرية والقانون والفن والسلام، ويسترزقون من مدح مُلاّكِ المال والسلطة ومهاجمة مُزعجيهم.
لكن البلاد التي يكثر فيها الأبطال المزيفون يصيبها المرض؟ لأن الشخصيات التي لم تنمو بشكل طبيعي، تلك المصنوعة بعناية، والمفتوحة في وجوهها الكثير من الواجهات والفضاءات، لا مهمة لها سوى الحفاظ على الفساد من الكساد، ومعاداة الديمقراطية وحقوق العباد.
إن البلاد التي أرهقها "التخرميز" بتعبير الأستاذ مولاي إسماعيل العلوي، لن ينقذها "أبطال كارتونيون" ونجوم مزيفون.. لن يخدمها غير الإنسان المبدئي ذي الضمير الحي.
اِقرأ واسأل كيف وعلى يد من تخلصت الأوطان من الأزمات؟.. بالمبدئيين فقط يمكن لوطن أن ينفذ بجلده من الظلم والخوف والضعف والزيف، وليس بمن يرتضي لنفسه أن يصبح أداة هجوم تصفى بها حسابات أكبر منه وتبرر بها أخطاء فادحة لن يمحوها الزمن وسيثبتها ويلعن التاريخ أصحابَها.
لذلك، إذا قررتَ فجأة العيش بلا ضمير، ستُفتح أمامك ألف كاميرا لتتصدر المشهد ممثلا وكأنك "مناضل" صاحب قضية.
صدقني! فقط عندما تختار أن تبيع إنسانيتك، يمكنك أن تصبح شخصا مهما عند "الكبار" بسرعة مدهشة. قد يكون من السهل عليك أن تحقق الآن مكاسب مادية، وتتقلد مناصب كانت ذات يوم تراودك في حلمك فقط، وتنفذ بجلدك من البرد والجوع والحاجة وقلة المال، ما دمت "مُطبلا" وبلا ضمير ولا قيم. لكن من الصعب عليك جدا أن تظل إنسانا، وأن تعيش بين الناس محترما، وتظل في عيونهم "كبيرا"…
هل تعلم أن أبي كان يعالجني وأنا صغير بالكمادات المبللة بالماء، وأمي تملأ بطني -رغماً عني- بالشوربة؟! صحيح أن بطني كثيرا ما مرت منها عجينة "الشوربة"، لكنها ليست كالعجينة التي في بطنك الآن للأسف. لهذا أنا كبرتُ عكسك بمناعة جيدة، ولهذا تجدني أكتب بثقة وضمير مرتاح!!
ورغم ذلك، أكره أن أغتر بنفسي، كي لا أسقط في وحل التطبيل، ولكي لا أصدق بأنني بطل مغوار. لذلك أحيانا أغيبُ لكي لا يستخدمني "الأوغاد" بلا قصد مني في لحظة ضعف أو وهن لخدمة مصالحهم الخالية من قيم الوطنية والصلاح.
اُعذرني إن لم أكن ديبلوماسيا معك، "ماشي لخاطري!"، مادام في داخلي طفل يقول لمن لا يحبهم: "لا أحبكم"، بلا خوف ولا حسابات.
صدقني.. أنا أكره من يتاجر بقضايا الناس وحقوقهم، وأحتقر الجبناء الذين يبيعون ماء وجوههم، ثم تجدهم بعد سنوات.. بعد أن ينجلي الليل، وبعد أن يتم الاستغناء عنهم، يبكون، ويشتكون للناس -ك"مومس" شاخت- ضعف الحال وقلة الطلب.
قُل لي أنت! هل تتخيل مستقبلك وأنت تشكو للناس ضعف الحال وانعدام الاحترام والطلب؟!