النفق المظلم والمسدود الذي دخلته علاقات الجزائرومالي، يطرح تحديات كبيرة أمام العاصمتين في ظل تصاعد التوتر بين الجزائر وباماكو على خلفية الاتهامات الأخيرة التي وجهتها السلطة الحاكمة في مالي لقصر المرادية بالتدخل في شؤونها الداخلية.
هذا الوضع المتأزم للعلاقات بين البلدين، يبسط أمام الجزائر تحديات جيوسياسية متزايدة على حدودها الجنوبية، حيث تسعى دول الساحل إلى التحرر من النفوذ الجزائري التقليدي.
صحيفة "لوموند" الفرنسية، كشفت في تقرير حديث أن الأزمة في شمال مالي تعقدت أكثر مع تشكيل "جبهة تحرير أزواد"، وهو ما اعتبرته الصحيفة أنه يرسم تحولات إقليمية عميقة تهدد الدور الذي لعبته الجزائر لسنوات كوسيط رئيسي في المنطقة.
وتابعت أنه عندما أعلنت جماعات مسلحة طارقية في شمال مالي عن اندماجها في حركة جديدة تحت اسم "جبهة تحرير أزواد"، استشعرت الجزائر خطرا على حدودها خاصة مع عودة الحرب إلى حدودها الجنوبية.
"لوموند" كشفت أن الجزائر لعبت دورا محوريا في النزاعات في منطقة الساحل، مستفيدة من موقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يربطها بجيرانها: موريتانيا (460 كم)، مالي (1300 كم)، النيجر (950 كم)، وليبيا (980 كم)، ومع ذلك، يبدو أن نفوذها يتآكل في ظل تصاعد التوترات وبروز لاعبين جدد مثل روسيا وتركيا، حسب تعبير ذات الصحيفة.
وفي الماضي، كانت الجزائر تُعتبر، حسب "لوموند"، قوة إقليمية رئيسية، مستمدة هيبتها من تاريخها الثوري ودورها في حركة عدم الانحياز خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مستدركة: لكن اليوم، يبدو أن هذا النفوذ يتضاءل أمام التحديات الجديدة، بما في ذلك صعود الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيمي القاعدة وداعش، بالإضافة إلى تنامي الدور الروسي في المنطقة عبر مجموعات مثل فاغنر.
صحيفة "لوموند" اعتبرت أن الجزائر تواجه حاليا تحديا مزدوجا: من ناحية، تراجع قدرتها على التأثير في الأحداث الإقليمية، ومن ناحية أخرى، تزايد عدم الاستقرار على حدودها الجنوبية، مشيرة إلى أن الجزائر تجد نفسها اليوم في مفترق طرق، حيث تواجه تراجعا في نفوذها التقليدي في منطقة الساحل في ظل صعود لاعبين جدد وتصاعد النزاعات المحلية.