بعدما حل فيه الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب واستقباله من طرف الملك محمد السادس، وإجرائهما مباحثات ثنائية، أقدم الجيش الجزائري على التوغل داخل التراب الموريتاتي بعمق 8 كيلومترات، في خطوة يرى فيها خبراء، رسالة مشفرة إلى القيادة الموريتانية بالتراجع عن مخططات تطوير العلاقات مع المغرب التي قد تذهب إلى تغيير في موقف نواكشوط من قضية الصحراء.
توغل الجيش الجزائري أثار كثير من علامات الإستفهام حول ظروفه وسياقه، خاصة وأنه تزامن مع زيارة ولد الشيخ الغزواني إلى المغرب، فيما بررت الجزائر توغل جيشها في الأراضي الموريتانية، بأنه بحث عن الإرهابيين، لكن منقبون عن الذهب في ولاية تيرس آزمور شمال موريتانيا، تفاجؤوا يوم الجمعة الماضي بمحاصرتهم من طرف دورية عسكرية جزائرية أثناء قيامهم بنشاطهم المعتاد في التنقيب عن الذهب في منطة تقع تحت السيادة الكاملة لبلادهم.
ووفق ما نشرته صحيفة الأنباء الموريتانية، فإن السلطات في نواكشوط تجاهلت الاستفزاز وعدم الرد المباشر على الرئاسة الجزائرية، معتبرة أن الجيش الجزائري اختار تمرير رسالة عقب "احتفالية خاصة خصصها عاهل المملكة المغربية الملك محمد السادس للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني في القصر الملكي بالدار البيضاء".
وأشارت الصحيفة الموريتانية إلى أن نواكشوط اختارت التجاهل بسبب إدراكها للأوضاع المتوترة داخل الجزائر، وأن قيادة هذه الأخيرة تريد تصدير ذلك التوتر بأي شكل وإلى أي جهة، مضيفة أن موريتانيا لم تقبل حجة الجيش الجزائرية، بأن دوريته كانت بصدد ملاحقة إرهابيين أو مهربين؛ وأن الذي حصل مجرد حادث حدودي معزول، مشددا على أن ذلك مجرد "مبررات خرقاء غير مقنعة قدمها الجيش الجزائري لدورية الدرك الموريتاني التي وجدها في طريقه، معترفا أنه لا يستطيع التمييز بين المنقبين المحليين عن الذهب والإرهابيين".
يأتي هذا التطور في وقت تجري فيه مياه كثيرة تحت جسر العلاقات بين موريتانيا والمغرب، حيث أعلنت نواكشوط انضمامها إلى مبادرة الأطلسي واتفاقها على مرور خط انبوب الغاز نيجيريا المغرب من على ترابها، ما يعني رغبتها في تجاوز حالة الجمود والتوتر الصامت في علاقتها مع الرباط، والذي قد ينعكس على موقفها الإيجابي من ملف الصحراء.