منذ تعيينه في التعديل الحكومي الأخير وزيرا للتربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، أصبح محمد سعد برادة من أكثر الشخصيات المثيرة للجدل داخل التشكيلة الحكومية، إلى جانب عدد من الوزراء الذين بصموا على مسار كثرت فيه الانتقادات والتأويلات بسبب طريقة اشتغالهم، وهو ما دفع عدد من المتتبعين إلى التساؤل عن كفاءة هذا الرجل في إدارة هذا القطاع الحساس داخل الحكومة المغربية. وأثار القرار الوزاري الجديد المنشور بالجريدة الرسمية عدد 7358 ص 8733، نقاشا ساخنا داخل الأوساط التربوية، بعدما تم تفويض جملة من الاختصاصات التي كانت في يد الوزير برادة إلى الكاتب العام لوزارة التربية الوطنية والتعليم يونس السحيمي، خاصة وأن هذه الخطوة جاءت مباشرة بعد سلسلة من الانتقادات آخرها عدم قدرة المسؤول الحكومي عن تقديم إجابة شفوية واضحة عن تساؤلات طفلة برلمانية، بشأن خُططه للحد من التداعيات السلبية لتوظيف الذكاء الاصطناعي من قبل التلاميذ.
وحسب القرار الوزاري الجديد، فإنه تم تفويض للكاتب العام للوزارة الإمضاء أو التأشير نيابة عنه على جميع الوثائق أو التصرفات الإدارية المتعلقة بالمصالح التابعة للوزارة، ما عدا المراسيم والقرارات التنظيمية، ومنح سلطة الأوامر الصادرة لمديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين للقيام بمأموريات خارج المغرب، وكذلك الأوامر الصادرة للموظفين والأعوان التابعين للوزارة للقيام بمأموريات خارج المغرب.
وفوض له الأوامر بصرف أو تحويل أو تفويض الاعتمادات، وعلى الوثائق المثبتة للنفقات، والأوامر بقبض الموارد، وبصفة عامة على جميع الوثائق الحسابية المتعلقة بميزانيتي التسيير والاستثمار للوزارة، بالإضافة إلى الإمضاء على الوثائق المتعلقة بالتصرفات الإدارية من تعيين أو إعفاء رؤساء الأقسام والمصالح أو من في حكمهم بالإدارة المركزية للوزارة، وتعيين أو إعفاء المديرين الإقليميين التابعين للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.
وأعطى الوزير الجديد الضوء الأخضر للكاتب العام للوزارة، يونس السحيمي، من أجل المصادقة على صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات المبرمة برسم ميزانيتي التسيير والاستثمار للوزارة، كما مكن مديرة ومديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين التالية أسماؤهم، كل في حدود اختصاصه الترابي، المصادقة على صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات التي تدخل في إطار الاعتمادات المفوضة إليهم من ميزانية قطاع التربية الوطنية.
وفي هذا الصدد، قال عبد الإله دحمان، نائب الأمين العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، إن "أي قراءة في موضوع تفويض وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة حزمة من اختصاصاته للكاتب العام للوزارة، يجب مقاربتها في بعدين، الأول مرتبط بالمرجعية القانونية، وهنا نتساءل هل خرق الوزير القانون المعمول به في تدبير شؤون الوزارة والعمل الحكومي بشكل عام؟".
وتابع دحمان، في تصريح ل"الأيام 24″، أنه بالرجوع إلى المرسوم رقم 44-93-2 بتاريخ 7 ذي القعدة 1413 (29 أبريل 1993) يتعلق بوضعية الكتاب العامين للوزارات، وهو مرسوم قديم ستليه تشريعات وقوانين وقرارات تنظيمية، حيث سنجد خصوصا في المادة الخامسة منه أنه يمكن للوزير أن يفوض للكاتب العام للوزارة التوقيع أو التأشير نيابة عنه على جميع التصرفات أو الوثائق الداخلة في اختصاص الوزير ما عدا المراسيم والقرارات التنظيمية، بحيث يتولى الكاتب العام في هذا الإطار إدارة شؤون الموظفين وتنفيذ ميزانية الوزارة".
وأضاف المتحدث ذاته أنه "ما تنص عليه المادة الثالثة من هذا المرسوم المتعلقة بالمهام الأصلية للكاتب العام والتي تدخل في نطاق المهام المسندة إلى الوزارة، من قبيل مراقبة أعمال المديريات والأقسام والمصالح التابعة للوزارة وتنسيق تنشيط أعمالها ماعدا المفتشية العامة التي تكون تابعة للوزير مباشرة والهيئات التي تنص النصوص المتعلقة بتنظيمها على إلحاقها مباشرة بالوزير".
وأشار القيادي النقابي إلى أنه "بهذه الصفة يشرف على المراسلات الواردة على الوزارة والصادرة منها ويخطط للأعمال المسندة إليها، وينفذ تعليمات الوزير وفقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل ويكون مسؤولا أمامه عن استمراريتها. وبالتالي من حيث المرجعية القانونية بعض الملاحظات لا تؤثر في طبيعة القرار، لكن من حيث منهجية التدبير والإرادة سيقع نوع من التضخم في المهام والملفات موضوع المتابعة، خصوصا ونحن في زمن الإصلاح التربوي والذي يقتضي سرعة في القرار، مما قد ينتج عنه بيروقراطية جديدة قد لا تنسجم مع مطلب اللامركزية واللاتركيز".
وزاد: "نحن أمام مقاربة من مستويين، الأول متعلقة بالقرار السياسي في القطاع والذي لازال في يد الوزير والمستوى الثاني المتعلق بالتعبير والذي تم تفويضه بالكامل. وعليه تقييم هذه التجربة رغم ما عرف عن الكتابة العامة من كفاءة ومهنية هو الذي سيبرز الخلفيات المتعلقة بهذا القرار".
وخلص دحمان حديثه قائلا: "رغم أنه لي قراءة أخرى مرتبطة باستيعاب الوزير الجديد للقطاع واشكالته لم تنضج المعطيات حولها من باب الموضوعية في قراءة ما وقع".