تُثير مواقف النظام الجزائري ذو الطابع العسكري استغرابا كبيرا لدى المتابعين للشأن السياسي، خاصة في ظل تناقض بلاغات وزارة الخارجية الجزائرية مع تطلعات الشعوب، مما يؤدي إلى تعميق عزلته إقليميا ودوليا. وفقا لتحليلات متعددة، تعكس السياسة الخارجية الجزائرية حالة من الانحدار القيمي، حيث تبنت مواقف داعمة لنظام بشار الأسد، رغم تطلعات الشعب السوري نحو الحرية، الأمر الذي يجعل النظام العسكري في وضع معاكس، ليس فقط إزاء الشعب السوري، وإنما أمام القوى المؤثرة داخل الساحة السياسية السورية، وهذا من شأنه أن يعمق عزلة النظام الجزائري في محيطه الإقليمي.
محمد الطيار، المحلل السياسي المتخصص في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، قال في تصريح ل"الأيام24″، إنه قبل خمسة أيام فقط قبل سقوط نظام بشار الأسد، أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية عن مساندتها المطلقة لنظامه، إضافة إلى اللقاء المتلفز للرئيس السوري السابق، الذي يؤكد فيه تواجد الجزائريين في سوريا لمساندة جيشه.
وأضاف الطيار أن الجزائر تعد النظام الوحيد الذي بقي مساندا لنظام الأسد إلى آخر لحظة، في نفس الوقت، تعتبر الدولة العربية الوحيدة التي عملت طيلة سنوات على محاولة إعادة بشار إلى الجامعة العربية، لذلك فإن هذا الأمر يمكن أن يضع دولة لها مصداقية أمام دول العالم في موقف محرج، لكن بالنسبة للنظام الجزائري، فالأمر عكس ذلك تماما.
وتابع، حيث إنه بمجرد سقوط النظام السوري، أصدرت وزارة الخارجية الجزائرية بيانا تعلن فيه عن تضامنها مع الشعب السوري، مطالبة بالحوار والسلم، مما يؤكد أن العالم أمام دولة تتقن فن النفاق.
وفي مقابل ذلك، أكد الطيار أن مجموعة من اللاجئين السوريين الذين وضعتهم ظروفهم في أرض الجزائر، تعرضوا لأشكال عديدة من التعذيب والإهانة، حيث كانت السلطات الجزائرية تعمد على نقلهم قسرا إلى صحراء النيجر، او صحراء ليبيا، أو على الحدود المغربية، وتهددهم بالعقاب في حالة عودتهم.
وفي نفس الصدد، قال محمد الطيار إن الشعب السوري يعي جيدا أن أعدادا من الجزائريين، وعناصر من جبهة البوليساريو، كانوا يحاربون ضمن صفوف جيش الأسد، وقد تحدثت العديد من التقارير الاعلامية عن إلقاء المعارضة السورية القبض على عدد كبير جدا من عناصر الجيش الجزائري، وعناصر انفصالية يقدر عددها بحوالي 500 عنصر، ليتضح التخبط والارتباك الذي تعيشه الديبلوماسية الجزائرية أمام المستجدات المحيطة بالوضع السوري بشكل خاص، بأوضاع الشرق الأوسط بنحو عام.