شهد القطاع الصحي، في الآونة الأخيرة، سلسلة من التوترات بين الشغيلة الصحية والوزارة الوصية، جعلت من القطاع منبعا لجملة من النواقص، مما عجل بإعادة هيكلة المنظومة، تخفيفا من شدة الاحتقان من جهة، وتحسينا لجودة الخدمات الصحية من جهة أخرى، ويبدو أن الوزير الجديد، أمين التهراوي، تنتظره تحديات عديدة، تستلزم اعتماد استراتيجيات جديدة ترقى لتطلعات المواطنين.
الطيب حمضي، الباحث في السياسات والنظم الصحية، قال في تصريح ل"الأيام24″ إنه، "بالنظر إلى الأوراش الكبرى التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس، والتي تهم المراجعة الجذرية المنظومة الصحية، وتعميم التأمين الإجباري عن المرض، ثم تأمين الحماية الاجتماعية للمواطنين، فالوزير الجديد، أمين التهراوي، تنتظره تحديات كبرى، تستلزم بذل جهود حثيثة، استجابة لتطلعات المغاربة".
وأضاف حمضي، أن وضع المنظومة الصحية، اليوم، يستلزم إصلاح صناديق التأمين، وإصلاح المستشفى العمومي، وإصلاح الحكامة في القطاعين العمومي والخاص، لكي يسترجع المواطن المغربي ثقته بالقطاع، مبرزا أن المنافسة بين القطاعين العام والخاص ينبغي أن تكون مبنية على أساس الجودة في الخدمات الصحية المقدمة، إضافة إلى العمل على خفض الكلفة، وإلا سيحدث انهيار في القطاع العام، وسينتعش نوع من القطاع الخاص على حساب جيوب المغاربة، وعلى حساب ميزانية صناديق التأمين.
وأوضح المتحدث نفسه، أن الوزير الجديد، اليوم، والحكومة ككل، مطالبين بتنفيذ كل المشاريع الكبرى لتنمية القطاع، ذلك أن فشل برنامج التأمين الاجباري على المرض سيؤثر بشكل بالغ على المغاربة، وفي هذه الحالة، لن تكون للتأمين الإجباري أي جدوى، في ظل عجز المواطن عن أداء مستحقات العلاج، ليقبع في دوامة المرض والمعاناة.
وفي نفس السياق، أكد حمضي، أنه ليس من الضروري أن يكون الوزير الجديد منبثقا من القطاع نفسه، لأن المنظومة الصحية اليوم تتوفر على هيئات مهمة، كالهيئة العليا للصحة، التي ستلعب أدوارا أساسية في تخفيف الضغط عليه، إضافة طبعا إلى استعانة الوزراء بفرق ميدانية واستشارية، تقوم بمرافقتهم وتقديم التصورات التقنية، ليقرر الوزراء بناء على الاختيارات السياسية والبرامج الحكومية، مشيرا إلى أن الحكومة ملزمة بتنزيل رؤيتها السياسية في قطاع الصحة، والتي تقع مسؤولية تنزيلها على الوزير المعين، الذي من المؤكد سيكون محاطا بقوة اقتراحية من خبراء وفاعلين، لتنفيذ أمثل للرؤية الملكية.