بسياسته الخارجية المتوازنة، سجل المغرب انتصارات متتالية في المنتظم الدولي، استطاع من خلالها تعزيز علاقاته الاستراتيجية وتنويعها، بضم تحالفات تخدم المصالح المشتركة، ويتعلق الأمر بالمكاسب التي سيجنيها المغرب، بعد أن اتجهت موسكو لتقوية جسر التقارب مع الرباط، بإطلاق شركة الشحن الروسية C-shipping خطا بحريا جديدا، يمتد من سانت بطرسبرغ إلى مدينة الدارالبيضاء، مع محطات توقف في موانئ أخرى بغرب إفريقيا، ومن المقرر أن يبدأ العمل به في سنة 2025.
وقال الشرقاوي الروداني، الخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية، إنه، ومنذ الزيارة الملكية لموسكو سنة 2016، والتي كانت بمثابة بداية صفحة جديدة للعلاقات المغربية الروسية، عرفت العلاقات الثنائية تطورا مهما شمل مجموعة من المجالات، من خلال التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات، بالتالي فإطلاق خط بحري بين المغرب وروسيا يحمل عدة دلالات استراتيجية متعددة، تتجاوز البعد التجاري إلى أبعاد جيوسياسية، وجيو-اقتصادية مهمة.
وأوضح الروداني في تصريح ل"الأيام24″، أن هذا الخط البحري من شأنه أن يعزز الروابط الاقتصادية والتجارية بين البلدين، مما قد يفتح أسواقاً جديدة للمنتجات المغربية، خاصة الزراعية في روسيا، ويتيح لها تصدير منتجاتها مثل الطاقة والحبوبإلى المغرب، وإلى دول المنطقة.
وأضاف المتحدث نفسه أن إطلاق الخط البحري يعد كذلك جزءاً من جهود المغرب، لتنويع شراكاته الاقتصادية والاستراتيجية بعيداً عن الاعتماد على الأسواق الأوروبية التقليدية، ومن جهة أخرى، يسعى المغرب لتعزيز حضوره في الفضاء الأوراسي، الذي يعتبر مجالاً جيوسياسيا واعداً، وهو ما يخدم مصالحه في ظل تغيرات النظام العالمي.
وفي نفس السياق، وبالنظر إلى أن روسيا تعد أحد أكبر منتجي الطاقة والحبوب في العالم، أوضح الخبير في الدراسات الجيو استراتيجية والأمنية، أن هذا الخط يعزز التعاون في مجالات حيوية، مثل الأمن الغذائي، وأمن الطاقة، وهما ملفان حيويان بالنسبة للمغرب.
ومن منظور سياسي روسي، أكد الروداني أن تطوير هذه الروابط مع دول مثل المغرب بعد خطوة مهمة في تخفيف أثر العقوبات الغربية المفروضة على اثر الحرب الروسية الأوكرانية، من خلال فتح قنوات جديدة للتجارة والشراكة الاقتصادية.
وعلى مستوى المعادلات الجيوسياسية، أفاد الخبير أن هذا التعاون، متعدد الأوجه، يؤكد قدرة المغرب على التكيف مع التحديات الراهنة، وقدرته على لعب دور مهم في الديناميات الجيوسياسية العالمية، مستفيداً من موقعه الجغرافي الإستراتيجي، كنقطة اتصال بين أوروبا وإفريقيا، وبوابة نحو القارة الإفريقية، وهو ما يمكن للمغرب توظيف هذه الشراكة، لتعزيز دوره كجسر بين روسيا والقارة الإفريقية.