سيرا على سكة التعثرات، نجحت حكومة أخنوش، في عامها الرابع على التوالي، في تكديس مجموعة من الملفات المعقدة، والتي كان من المفترض أن تعرف طريقا إلى التسوية، وعوض التزامها بروح الجدية والمسؤولية في التعاطي مع أهم القضايا الحيوية التي يشهدها المغرب، تلجأ الحكومة إلى خيارات التأجيل والقمع في بعض الأحيان، كمقاربة لا تجر معها سوى شبهات الإدانة، لتظهر معالم التعثر في الخرجات الرسمية للأغلبية الحكومية، ومن هذا المنطلق، تطرح على مائدة النقاش السياسي تساؤلات عدة، حول الكيفية التي ستعتمدها الحكومة مستقبلا في مواجهة كل الملفات المتراكمة.
وفي هذا الصدد، أكد صالح النشاط، أستاذ بكلية الحقوق بالمحمدية، في تصريح ل"الأيام24″، أن الحكومة تراكم الملفات "الحارقة" على وجه الخصوص، وكل ما تعلق باستكمال مخرجات الحوار الاجتماعي، والمحاضر الموقعة، والإلتزامات التي أبرمت بين النقابات والحكومة في قطاع التربية الوطنية، والصحة، والعدل، والجماعات الترابية، فضلا عن ملف الارتفاع الصاروخي للأسعار بشكل غير مفهوم.
وأضاف النشاط، في تصريح ل"الأيام 24″، أن الحكومة اليوم، مطالبة بتسريع وتيرة تنفيذ مختلف الأوراش والملفات الملتزم بها، وإصدار المراسيم والنصوص التنظيمية، وتقديم ما يلزم من مشاريع القوانين، والقوانين التنظيمية إلى البرلمان، لمدارسته ، والمصادقة عليه، خلال ما تبقى من عمر هذه الولاية الحكومية.
وضع صعب وعلى خلفية افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان يوم الجمعة الماضي، لتبدأ بذلك السنة الرابعة من عمر ولايتها، أوضح المتحدث نفسه، أن الزمن لم يعد في صالح الحكومة، وخصوصا أن السنة الأخيرة دائما ما تكون قائمة على تلميع صورة الأحزاب السياسية المشكلة للأغلبية، لذلك فإنها ستجد نفسها في وضع لا يحسد عليه مع الناخبين وأفراد المجتمع، خصوصا أنها وعدتهم بتحقيق العديد من المطالب، وتحسين مؤشرات الحياة الاجتماعية والاقتصادية، معتبرا أنه "بما أن هذا الوعد لم يتحقق بالشكل المطلوب، فهذا سيضاعف حجم السخط المنتظر، والعقاب الانتخابي، لمكونات هذه الأغلبية، في الانتخابات التشريعية القادمة".
وعن مقاربة التأجيل التي تعتمدها الحكومة في التعاطي مع بعض القضايا، قال النشاط، إن "لا أحد ينفي وجود صعوبات وتحديات على المستوى الاجتماعي والاقتصادي، إلا أن الإشكال الحقيقي الذي قد نختلف حوله وهو موضوع الحكامة في تدبير وتنفيذ البرامج والمخططات التي تم الإلتزام بها، سواء في التصريحات الحكومية أو في التعهدات القطاعية، مستطردا "فنجد أن الحكومة دائما ما تلجأ إلى الخيار السهل، وهو التأجيل والتسويف، وعدم الجرأة في اتخاذ القرارات".
وأمام هذا الوضع، يرى النشاط، أنه في حالة وجود مقاومة من قبل النقابات، والتنسيقيات، وفئات المجتمع المتضررة، تسارع الحكومة إلى حل الاقتطاع من الأجر بالنسبة للمضربين من الموظفين، أو يتم تحريك القوات الأمنية لتقوم بدورها في فض التجمعات والمسيرات والوقفات، كما يحصل مع طلبة كليات الطب، والمتقاعدين، وذوي المطالب الفئوية كالأساتذة، وموظفي الصحة، والجماعات الترابية.
مآل الملفات
وسجل النشاط أنه "لا أحد من المتتبعين للشأن العام، يمكن أن يخمن متى تتم تصفية هذه الملفات، باستثناء أعضاء الحكومة، أو بالأحرى رئيس الحكومة"، مستدركا: "إلا أن الملاحظ هو أن الحكومات السابقة، ومنذ الاستقلال إلى حدود اليوم، عودتنا على اختيار سياسة التأجيل، وقذف الكرة في ملعب الحكومة التي ستسفر عنها الانتخابات القادمة، بهدف تضييع جزء مهم من الزمن الحكومي".
وأردف أن سياسية التأجيل تؤدي إلى تراكم الملفات، وتضييع الجهود، مضيفا أن كل حكومة جديدة تلغي بذلك الملفات ومشاريع القوانين التي التزمت بها الحكومة السابقة، وتتنكر لها.
ملامح اخفاق وأفاد الأستاذ الجامعي أن الحكومة تفتقد إلى النجاعة في تدبيرها للملفات التي تعهدت والتزمت بها، و"نحن كمتتبعون للشأن العام، نجد أنفسنا تائهين أمام الفعل التنفيذي، ومدى الانسجام والتضامن الحكومي بين مكونات هذه الحكومة، وضعف اللمسة السياسية في اختياراتها المجتمعية".
وأوضح النشاط، أن افتقاد النجاعة في تدبير السلطة التنفيذية يؤدي إلى تكريس ضعف ثقة المواطن في الحكومة وفي قاعدتها البرلمانية، مشيرا إلى موضوع المتابعات القضائية لعدد كبير من البرلمانيين، من بينهم أسماء في حالة اعتقال بتهم الفساد، والاعتداء على المال العام، إضافة إلى رؤساء جماعات آخرين، تم عزلهم وتوقيفهم، أو متابعتهم قضائيا، وهو ما يشير إلى ملامح الاخفاق الجلية على صعيد مجموعة من الجوانب.