اشتكى العديد من المواطنين من صعوبات في قضاء أغراضهم الإدارية في شهر غشت المنصرم، بسبب تخصيص بعض الإدارات لهذا الشهر إما في شكل عطلة مستحقة أو "هربة" غير مستحقة، حيث فوجئ العديد من المرتفقين بتعطل مصالحهم الإدارية جراء وجود بعض المسؤولين في الإدارة العمومية إما في عطلة أو في مهمة رسمية خارج البلاد (حسب ما يخبرهم به البعض)، لذا يُطرح السؤال التالي: هل تحول شهر غشت إلى عطلة رسمية؟ المعلوم أن مبدأ استمرارية المرفق العام، يشدد عليه القانون رقم 19-54 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 58-21-1 صادر في 3 ذي الحج 1442 (14 يوليوز 2021) بمثابة ميثاق المرافق العمومية، إذ ينص في مادته 26 على أنه "يجب على المرافق العمومية ضمان استمرارية تقديم الخدمات. ولهذه الغاية، تعتمد هذه المرافق نظاما للمداومة يمدد الحيز الزمني لأوقات العمل بالمصالح التي لها علاقة مباشرة مع المرتفقين أو تلك التي تشهد إقبالا متزايدا على خدماتها".
لكن للأسف على أرض الواقع كثير من الإدارات لا تحترم هذا القانون، فإذا غاب مسؤول معين بسبب مرض أو عطلة أو غيره، تتعطل مصالح المرتفقين لأن ذلك المسؤول هو المكلف ولا يوجد من يعوضه أو ينوب عنه، وهذا قمة الاستهزاء بمصالح المواطنين في زمن نتغنى به بالإدارة الرقمية.
فما معنى أن تتوقف الإدارة إما كليا (بعض الإدارات توقفت في شهر غشت كاملا)، أو جزئيا بسبب مرض أو عطلة، وهو أمر مستحق لا يمكن حرمان الموظف أو المسؤول من حقه في الحصول على عطلته السنوية، غير أن الأمر المستغرب هو أنه عندما يحصل هذا الموظف أو المسؤول على ما هو حق له تتعطل مصالح العباد أما البلاد فهم أدرى بشؤونها.
أما كان من الأولى أن يكون هناك نظام للمداومة بين الموظفين والمسؤولين بحيث يتم تقسيم أيام العطلة السنوية حسب شهور الصيف الثلاثة لضمان استدامة المرفق العام في تقديم خدماته للمواطنين، أسوة بما يقوم به القطاع الخاص، فهل سمتعم يوما أن شركة خاصة توقفت عن تقديم خدماتها للمرتفقين، بالتأكيد هذا من سابع المستحيلات لأنك في الواقع تجد هذه الشركات تشتغل حتى يوم السبت بنظام المداومة.
ومما ينبغي الإشارة إليه، هو أن العديد من المواطنين يُخصصون عطلتهم السنوية لقضاء أغراضهم الإدارية المتراكمة طيلة السنة والتي لم يجدوا لها وسعا من الوقت والجهد لقضائها، فيعولون على عطلتهم الرسمية لقضاء هذه المهمات الإدارية بعيدا عن سماع كلمة من هنا أو هناك…
في المجمل، إذا كانت الحكومة تريد أن تجعل شهر غشت عطلة رسمية فكان عليها على الأقل أن تُعلم المواطنين بذلك حتى لا يتكبدوا عناء الذهاب والإياب لبعض الإدارات ليجدوها فارغة على أطلالها، ويتكلف حراس الأمن بإخبارهم بأن الجميع في عطلة في شهر غشت، وأن بداية العمل ستكون مع مطلع شهر شتنبر.